كيف بإمكاننا قياس تأثير التربية المدنية بهدف تعزيز المشاركة السياسية في المجتمعات؟

7 posts / 0 new
آخر موضوع
كيف بإمكاننا قياس تأثير التربية المدنية بهدف تعزيز المشاركة السياسية في المجتمعات؟

لتفعيل الديمقراطية في المجتمع لا بد من المشاركة المدنية لاعتبارها احدى الادوات التي تظهر قوة الفرد وقدرته على الأثير لإحداث تغيير جذري. من خلال بناء مجتمع ديمقراطي حر وعادل تدار فيه الشؤون العامة من خلال

. المواطنيين واشراكهم في عملية صنع القرار بهدف زيادة المشاركة السياسية. وتعزيز ثقافة الحقوق والمسؤوليات من ضمن نطاق عمل العديد من الجماعات والمؤسسات والمنظمات والمواطنين بهدف تمكين المواطنين من حقهم ف يالمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية التي تؤثر على حياتهم. 

كيف بإمكاننا قياس تأثير التربية المدنية لتعزيز المشاركة السياسية، وهل هنالك علامات تظهر على المجتمعات التي يتم فيها تعزيز نهج التربية المدنية من الناحية السياسية وكونهم جزءاً من القرارات التي تتخذ وعلى تماس مع نطاق اهتمامهم وحياتهم كمواطنين؟ 

 

إن الهدف من هذه الأطروحة هو

إن الهدف من هذه الأطروحة هو التعرف على واقع منظمات المجتمع المدني وإمكانياتها ودورها في تعزيز المشاركة السياسية في البلدان العربية وذلك من أجل التعرّف على حقيقة الدور الذي يمكن لهذه المنظمات أن تمارسه في عملية انتقال المجتمع العربي إلى مجتمع مدني عصري يعمل من أجل إشاعة روح الديمقراطية والحرية والمواطنة الكاملة الواعية بين أفراده دون تمييز من حيث الجنس أو الدين أو المعتقدات الفكرية. و إن أصول وجذور هذه المنظمات ونشأتها منذ بدايات القرن الماضي والظروف التي عاصرت نشأة تلك المنظمات على مختلف الأصعدة، الذاتية والموضوعية منها، كما نناقش من خلال مسيرة منظمات المجتمع المدني الفلسطيني نشأة نظريات المجتمع المدني في أوروبا وباقي أرجاء العالم، والتغيرات التي أصابت هذه النظريات، وذلك لكي نبرهن على أن عملية التفاعل الفكري العالمي عملية متواصلة دون انقطاع وإن كانت صورها تختلف من مكان لآخر ومن فترة تاريخية لأخرى، ولنبرهن مرة أخرى أن انتقال الأفكار والآراء ممكن تماما دون أن يعني ذلك أن عملية الانتقال تستوجب النقل الحرفي والنسخ الكامل للتجارب بحذافيرها، بل إن ذلك الانتقال ممكن مع ضرورة المحافظة على السمات الشخصية والوطنية والدينية والحضارية لكل شعب من الشعوب وعدم محاولة إذابتها وشطبها تحت أسماء وشعارات تخفي من الشر أكثر بكثير مما تدعيه من البراءة.

 شكراً استاذ محمد على

 شكراً استاذ محمد على المداخلة، سؤالي لك كيف تقيمون عملكم في مجال التربية المدنية وأثرها في تعزيز المشاركة، ما هي النتائج الملومسة وهل هنالك معايير توضع لتحديد الوصول للهدف؟

الدكتورة ربا،

الدكتورة ربا،

تحية طيبة:

العمل في مجال التربية المدنية هو:

العمل التطوعي والخدمة المدنية في أوساط الشباب"، والذي يهدف إلى تطوير وتقوية المشاركة التطوعية للشباب في الحياة المحلية.

تشجيع ثقافة التضامن بين شرائح المجتمع.

إحلال ثقافة التعاون والتسامح ، وتحسين السلوك الاجتماعي، والتركيز بالخصوص على الشباب لأنه مستقبل المجتمع.

مساعدة الشباب على تحقيق إبداعاتهم، من خلال برامج تعتمد على التربية والتكوين، بما يؤدّي إلى مزيد من التماسك الاجتماعي.

النتائـج :

بدور منظمات المجتمع المدني في تنفيذ أنشطة مهمة في تشييع المعرفة بالحقوق و الممارسات الديمقراطية و التوعية ونشر فهم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بين النساء، الرجال والشباب و توصيتهم أن لا يفقدوا الأمل ويشعروا بالمرارة إذا ما سارت على غير منهاجهم، فالتربية المدنية تعتمد الواقعية من أجل أن تكون فعالة وهي تتعامل مع الحقائق المركزية الخاصة بالحياة السياسية ، و بأنه مع كل جهد من شأنه تقديم فائدة ملموسة تعود بالنفع عليهم كمثال الطلاب والطالبات وتحد من تسربهم من المدارس، وعدم تعاطي المخدرات في أوساط الشباب و الانحراف إلى السلوك الخطأ...إلخ .

معايير توضع لتحديد الوصول للهدف:

إن أفاق وطموحات العمل من أجل وضع وخدمة أهداف التربية المدنية هو التعليم والتوعية للجميع وتنسيق جهود منظمات المجتمع المدني و حقوق الإنسان في تنفيذ خطة إستراتيجية التي تسهم في تحسين نوعية التعليم و التكوين والتثقيف والحد من تسرب الأطفال من المدارس والمساهمة في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة والطفولة المبكرة، وغيرها من أهداف الحملة المحلية والعربية والعالمية للتعليم والتوعية و التكوين للجميع.

 

كيف بإمكاننا قياس تأثير التربية المدنية بهدف تعزيز المشاركة الس

التربية المدنية من الادوات والاساليب القوية فى دعم وتعزيز المشاركة السياسية فى مجتمعاتنا واحدى الادوات الفاعلة والتى تؤثر بشكل مباشر فى دمج الشباب وحتى الاطفال فى تفعيل مشاركاتهم وانخراطهم فى المجتمعات ولكن فى قراءة لواقع منظمات المجتمع المدنى نجد ان هناك فجوة كبيرة بين واقع نحن نعيشة بمعطيات قد تختلف ولا تتناسب كثيرا مع ادوات نستخدمها فى نشر ثقافة التربية المدنية يلزمنا الكثير تجاه هذه الاشكالية نحن بحاجة للربط وبشدة بين الواقع وما هى الادوات التى يمكن ان نستخدمها لتصير فاعلة فى نشر ثقافة المشاركة المدنية لتعزيز المشاركة السياسية 

هذا احتياج كبير ويلزمنا ان نعمل كثيرا كمؤسسات ومنظمات لانتاج مجموعه من الاساليب والتكتيكات تتناسب مع معطيات الواقع الذى نعيشه لدعم ثقافة التربية المدنية فى مجتمعاتنا العربية وكيف يمكننا الاستفادة من الخبرات والتجارب الناجحة فى هذا المجال 

 

 

 

عمر رحال /مركز شمس

 

استناداً إلى علماء الاجتماع السياسي فأن مستويات المشاركة السياسية تتدرج تدرجاً تنازلياً كما يلي وهذا مرتبط بالأساس  على التربية المدنية:

  1. تقلد منصب سياسي أو إداري.
  2. السعي نحو منصب سياسي أو إداري.
  3. العضوية النشطة في التنظيمات السياسية.
  4. العضوية العادية في التنظيمات السياسية.
  5. العضوية النشطة في التنظيمات شبه السياسية.
  6. العضوية العادية في التنظيمات شبه السياسية.
  7. المشاركة في الاجتماعات السياسية العامة.
  8. المشاركة في المناقشات السياسية غير الرسمية.
  9.  الاهتمام العام بالسياسة.
  10.  التصويت في الانتخابات.

 

 

 

 

 

 

لذلك يمكن لنا أن ننظر إلى هذا المستوى من المشاركة لافراد المجتمع على وجه العموم وللشباب على وجه التحديد

نحو دور فاعل للشباب فى الحياة السياسية

تعد المشاركة السياسية للشباب من أهم المواضيع المثارة فى عالمنا اليوم، لما لها من أثر فى إرساء البناء المؤسسي للدولة على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة.
وفى مجتمعنا المعاصر تجلت الديمقراطية ضمن مؤشرات يمكننا ملاحظتها ورصدها من خلال ما تضمنته الحرية، تلك التى أخذت أولا: مفاهيم تتعلق بالاستقلال السياسى أو الاقتصادى، المشاركة السياسية وحقوق الإنسان. وثانيا: تحقيق قيم الديمقراطية وأهدافها ونقلها من مستوى الأطروحات النظرية إلى مستوى الفعاليات الانجازية وسياسات تطبيقية.
ومن هنا تجلى السؤال الرئيسى لهذا البحث، الذى يدور حول ماهية المعوقات والعراقيل التى تقف حجر عثرة أمام المشاركة السياسية للشباب بفاعلية فى الحياة السياسية ومن ثم جاءت هيكلية هذا البحث لتشمل ستة محاور أساسية، أولها: دراسة الشباب، لماذا ؟ المحور الثانى: ماهية وأهمية المشاركة السياسية؟ المحور الثالث: المشاركة السياسية والديمقراطية، المحور الرابع: المشاركة السياسية والتنشئة السياسية، فيما يتناول المحور الخامس آليات وأدوات المشاركة السياسية، وأخيرا المحور السادس معوقات المشاركة السياسي للشباب.
دراسة الشباب لماذا؟! في إطار تحديد مفهوم الشباب، فإنه يمكننا التمييز بين اتجاهين رئيسيين فى هذا المجال: أحدهما يرى أن الشباب مجرد مرحلة محدودة من العمر وثانيهما: يرى أن الشباب حالة نفسية تمر بالإنسان، ويمكن أن تعيش معه في أي مرحلة عمرية، وتتميز بالحيوية والقدرة على التعليم ومرونة العالقات الإنسانية. وطبقا للاتجاه الأول: فإن المقصود بالشباب هو المرحلة العمرية التالية للصبا والسابقة للنضج، فتنحصر ما بين (15-25 عاما)، وهى مرحلة مفعمة بالطاقة والنشاط ولإمكانية اكتساب الجديد من المعارف والمعلومات والمهارات وتحمل المسئولية ويؤكد علماء النفس أن مرحلة الشباب عبارة عن مرحلة نمو وانتقال بين الطفولة والرشد لها خصائصها المتميزة عما قبلها وبعدها وقد تتخللها اضطرابات ومشكلات يسببها ما يترض له الشباب فى الأسرة والمدرسة والمجتمع من ضغوط.
وكثيرا ما يلاحظ وجود هموما مشتركة بين الشباب وإن اختلفت طرق تربيتهم وانتماءاتهم، حيث إنها نابعة من المرحلة السنية ذاتها والتى إذا فهمنا طبيعتها وظروفها لاستطعنا أن نجنب شبابنا الكثير من المشكلات المعقدة. وبالرغم من عموميتها فى العالم العربى أو حتى فى المجتمع الغربى، إلا أنها فى مصر قد يكون لها بعض الخصوصية التى تميزها سكن مشكلات الشباب فى غيرها من الدول.
ويذهب الأستاذ "بروفو يلتهايم " أستاذ الطب النفسى بجامعة شيكاغو إلى القول إنه "في كل مرة يفقد فيها الكبار اتجاه سيرهم، يشعر الشباب بالضياع. وعلى طول تاريخنا المعاصر لم يشهد شبابنا حالة من الضياع وفقدان الاتجاه مليما يشهدون فى هذه المرحلة إن تنمية المجتمع المصري يجب أن تأخذ فى الحسبان موقع الشباب على خريطة تنمية مصر المستقبل. لأن الشباب هم قوة الاقتصاد وبطالتهم على نطاق واسع، خاصة بين المتعلمين، كما يؤدى إهمالهم إلى اتساع ظواهر العنف والجريمة. بيد أن الأهم من ذلك كله هو حرمان المجتمع من المردود الاقتصادي للاستثمارات الإنسانية الضخمة التى تم إنفاقها فى حقل التعليم بمراحله المختلفة.
ومن ثم لابد من دراسة موقع الشباب فى المجتمع جيدا والنظر إليها على أنها ليست مجرد خلق فرص عمل جديدة لحل مشاكلهم فحسب، بل النظر إليهم على أنهم صمام الأمان فى أي مجتمع وقوته الدافعة فى بناء منظومة التنمية والتحديث. بل هم أيضا العنصر الفاعل فى الحركة السياسية للمجتمعات المدنية الحديثة ولعل ما جاء فى أخر التقارير البرلمانية خير دليل على صحة ما نأمل من الدراسة الجادة والمتخصصة للشباب. حيث كشف التقرير أن المجتمع المصرى شهد خلال الفترة الماضية فتورا سياسيا انعكست آثاره على الشباب الذي وجد نفسه فى ظروف أصابته بإحباط نفسي عنيف، ناتج عن انتشار الفراغ الفكري، الذي أدى إلى حيرة وتمزق الشباب بين التنظيمات السياسية المختلفة وأكد التقرير الذي أعدته "لجنة الشباب " أن ثمة إحساسا مريرا تولد بين المصريين بأن الفرد ليس طرفا فى الحياة السياسية، مما أدى إلى اللامبالاة والعزوف عن المشاركة الجادة بكل مستوياتها بصفة عامة، والمشاركة فى الانتخابات النيابية بصفة خاصة، الأمر الذى يمثل مصدر الخطر الحقيقى على الديمقراطية ومستقبلها فى مصر.
كما كشفت دراسة ميدانية أجرتها كلية الآداب بالإسكندرية على شباب قرية محلة أبوعلى بكفر الشيخ وعلى مدينة الإسكندرية، حول اتجاهات الشباب المصرى نحو العمل السياسى، عن مفاجآت عديدة حيث أكدت الدراسة، رفض 69 % من الشباب الموافقة على اشتراك المرأة فى العمل السياسى. وأكدوا عدم قيامهم بالتصويت فى الانتخابات العامة لأسباب متعددة منها عدم وجود بطاقة انتخابية، وأن نتائج الانتخابات معروفة مسبقا. وأن النائب لا يعمل شيئا في مجلس الشعب غير التصفيق. وبينما أكد 17 % أن التصويت واجب وطنى، وأشار 63 % من أبناء الريف إلى أهمية الحفاظ على المكاسب الاشتراكية باعتبار أنها ترتبط فى أذهانهم بثبات الأسعار، قال 58 % أنهم لا يعرفون الأحزاب السياسية، وكشفت الدراسة أيضا أن نسبة الأمية بين الشباب بلغت 30 % فى المدن، و 54 % بالريف المشاركة السياسية: ماهيتها وأهميتها أضحت المشاركة السياسية،Political Participation تمثل موضوعا محوريا من موضوعات علم الاجتماع السياسي. وذلك انطلاقا من أن المشاركة السياسية هى "إسهام أو انشغال المواطن بالمسائل السياسية داخل نطاق مجتمعه سواء أكان هذا الانشغال عن طريق التأييد أو الرفض أو المقاومة أو التظاهر وما إلى ذلك " ولكن كيف ولماذا تنشغل بالسياسة؟ وكيف تؤثر خصائص وطبيعة النسق السياسي على أسلوب مشاركة المواطن فى السياسة؟ ثم كيف تؤثر الأنماط التى يستخدمها المواطنون فى عملية المشاركة على وظيفة النسق السياسى؟ يتكون النسق الاجتماعي/ السياسي لأى مجتمع من مجموعة أو مجموعات (أي روابط) من الناس. وتنشأ هذه الروابط نظرا لأن أى عضو من أعضائها يتوقع أن تحقق أو تشبع له هذه الروابط أو تلك حاجات معينة، وكلما توقع الفرد الكثير من رابطته كلما كان أكثر انجذابا لها وكان ذلك دافعا للمشاركة بطريقة أو بأخرى ولكن كيف تبدأ مشاركة المواطن فى أى عمل سياسى؟! إن أى عمل سياسى يقوم به الفرد يحتاج بادئ ذى بدء إلى أن يتخذ الفرد قرارين دفعة واحدة: القرار الأول، هل أعمل بالسياسة أو لا أعمل؟ القرار الثانى، فى أى الحاجات أبدأ العمل؟ يرافق هذان القرار أن قرار ثالث، حول مدى الاشتراك فى العمل السياسى هل سيكون معتدلا أم قويا هل سيكون الاشتراك مؤقتا أو دائما؟ ومن خلال اتخاذ هذه القرارات يصبح المواطن مشاركا قويا أو مشاركا معتدلا أو حتى سلبيا إن اتخذ قرارات سلبية ومن المعروف أن الناس يرتبطون بالدولة بطرق متباينة، ويواجهونها حيثما كانوا داخل نطاق مجتمعهم بدءا من الحاكم ومرورا بالمدير والنائب وناظر المدرسة وانتهاء بكاتب الصحة وكل من هؤلاء يشغل دورا محددا له وفقأ لمجموعة من القواعد عن طريق ما يسمى باللوائح أو القانون. وكل هذه الأدوار مجسدة وقائمة فى عقول الذين يعملون بالسياسة، ومن ثم فإن من يعملون بالسياسة أو يشاركون بها يلعبون أدوارا بأساليب متوقعة أو معروفة لأنهم يعملون من خلال بناء محدد مسبقا. وتتجسد هذه الأدوار عن طريق النظم الموجودة فى المجتمع ومن ضمن هذه النظم والمؤسسات السياسية، الأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، والمؤسسات الاقتصادية فضلا عن وسائل الاتصال الجماهيرية. فالنظم و المؤسسات الاجتماعية إنما تعمل كوسيط بين المواطن والدولة.
وتتحدد الحريات وحقوق الإنسان السياسية، بحسب ما جاءت به المنظمات (الدولية المنبثقة من الأمم المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم و الثقافة (اليونسكو) عام 1962، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر فى 10-12-1984 بحق المساواة، حق الفرد فى التفكير الحر واعتناق المبادئ والآراء الدينية، حق احترام إرادة الشعب، الحق فى المشاركة العامة الذى يتضمن حق تأليف الأحزاب والجمعيات والاتحادات، حق التجمع وحق الانتخاب، وأخيرا حرية المعارضة (2). ومن هنا تبرز أهمية المشاركة السياسية لتحتوى كل هذه الحقوق والحريات العامة، حيث إن المشاركة تعني إشراك أعداد غفيرة من المواطنين فى الحياة السياسية، سواء على مستوى رسم السياسة العامة أو صنع القرار واتخاذه وتنفيذه.
وتتجلى مساهمة الشعب فى المشاركة السياسية من خلال أفراد أو جماعات ضمن نظام ديمقراطي. فهم كأفراد يمكنهم أن يساهموا فى الحياة السياسية كناخبين أو عناصر نشطة سياسيا، أم كجماعات من خلال العمل الجماعى كأعضاء فى منظمات مجتمعة أو نقابات عمالية وقد ارتبط المواطن المصرى بالمشاركة (أو كان مشاركا سياسي) منذ مرحلة الكفاح الوطنى فى مواجهة الاستعمار بيد أن المشاركة بعد المرحلة الوطنية تحمل بالضرورة معنى آخر، إذ "تصبح هى تلك المساهمة فى الحياة السياسية خصوصا من خلال العملية الانتخابية سواء بالترشيح أو التصويت. كما تحمل المشاركة معنى أشمل، إذ هى "كل عمل إداري ناجح أو فاشل، منظم أو غير منظم، مرحلى أو مستمر يفرض اللجوء إلى وسائل شرعية أو غير شرعية بهدف التأثير فى اختيارات سياسية، أو إدارة الشئون العامة، أو اختيار الحكام على المستويات الحكومية محلية أو وطنية " وهذا التحديد يجعلنا نلحق بعالم المشاركة السياسية وممارسة المعارضة بكل أشكالها بدءا من التعبيرات السلمية المضادة للحكومات إلى ممارسة العنف كما يمكن إلحاق ممارسة الحكم بالمفهوم نفسه (3).
ومن ثم فإن المشاركة السياسية تقتضى مشاركة أغلب المواطنين على الأقل بوعى وايجابية فى صياغة السياسات والقرارات واختيار الحكام، وأعضاء المؤسسات التمثيلية على الصعيدين المركزى والمحلى. وتفيد الأدبيات السياسية بتدرج مستويات المشاركة بدءا من مزاولة حق التصويت، مرورا بالمشاركة والمناقشات السياسية وتقديم الشكاوى والاقتراحات، واكتساب عضوية التنظيمات الحزبية والجماهيرية والترشيح للمناصب العامة وانتهاء بالوجود الفعلي فى بنية السلطة (4). وتتطلب الممارسة البناءة لأحد أو كل هذه الأنشطة اقتناعا بضرورة وجدوى المشاركة بحيث ترقى إلى مرتبة الالتزام و الواجب..
وليس بخاف على أحد، هذا التشويه للمشاركة السياسية عامة ومشاركة الشباب خاصة، الأمر الذي جعل المشاركة السياسية للشباب تتصف بالشكلية وعدم الفاعلية، وجعل من الشباب لا يشاركون فى إعداد الجسم الاجتماعي والسياسي "الوطني" الذين يعيشون فيه، و لا يشاركون فى القرارات والمتغيرات التى تمس الجسم الاجتماعي والسياسي للوطن كل هذا أدى إلى عدم قيام توازن عادل بين الفرد والمجتمع من أجل تحقيق الديمقراطية، ومن ثم خلق عوائق بين جماهير الشباب، مما أدى إلى إيقاف طموحاتهم فى تجاوز أزمة المشاركة السياسية، حيث لا يكن تجاوز المشاكل والصعاب التى تحيط بالمجتمع المصري بدون مشاركة سياسية ديمقراطية يتخذ بها القرار بمشاركة الشعب مع الحكام. وهذا ما يؤكده "على الدين هلال "، من أن اى انجاز اجتماعي أو سياسي يكمن فى تنظيم الجماهير، وأن الإنجاز الذي تحققه وتحميه السلطة الحاكمة فقط فى غياب المشاركة الشعبية يمكن لسلطة أخرى لها اتجاه مغاير أن توقفه وأن تفرغه من محتواه (5).
ولذا يفترض قيام المشاركة السياسية عموما داخل المجتمع وفق ما تقتضيه مقومات الدولة الحديثة على ما يلي:- 1- قيام الدولة على قوانين واضحة لا تترك مجالا للبس، وهذا ما يمكن أن يتعزز بوجود قضاء مستقل وهيئة دستورية تشرف على مراقبة دستورية القوانين، وتمارس عملها باستقلال ونزاهة، حيث يسود فى المجتمع إعمال القوانين والاحتكام إليها.
2- ضرورة سيادة ثقافة ديمقراطية أو وعى ديمقراطي على الأصح، إذ من دون سيادة ثقافة ديمقراطية تعتمد الإيمان بمواطنة المواطنين، وتكون متقاسمة بين الحاكم والمحكومين كأساس لأي حكم شرعي يقوم على "رضى المحكومين " على حد تعبير الفيلسوف البريطاني "جون لوك " لا يمكن الحديث عن سلامة واقع المشاركة السياسية..
المشاركة السياسية والديمقراطية: يكاد ينعقد الإجماع بين علماء السياسة على أن الديمقراطية، ليست تعبيرا عن حقيقة بنائية ومؤسسية فحسب، ولكنها أيضا مجموعة قيم واتجاهات ومشاعر تشجع على الممارسة الديمقراطية الفاعلة من جانب الحكام والمحكومين، فالعبرة فى النظام الديمقراطى ليست مجرد وجود الإجراءات والمؤسسات السياسية (الدستور، المجالس النيابية، الانتخابات الدورية، الأحزاب، جماعات المصالح، وضوح الحدود بين نظام اختصاص السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية، حرية الصحافة و استقلال وحياد القضاء، وإنما احترام الدستور وتوظيف المؤسسات ومزاولة الإجراءات بدرجة يعتد بها من الإيجابية والفاعلية(6) والمؤكد أن توافر ثقافة سياسية مشاركة فى المجتمعات الديمقراطية الغربية، يمثل أحد عوامل فاعلية الممارسة الديمقراطية هناك بينما يعتبر غيابها أحد أسباب أزمة الديمقراطية فى مجتمعاتنا (7).
ثمة علاقة إذن بين المشاركة السياسية والديمقراطية، حيث تحوى الديمقراطية مفهوم المشاركة السياسية، فالديمقراطية كما يقول "بوردو" هى نظام يهدف إلى إدخال الحرية فى العلاقات السياسية، وهى الصيغة الوحيدة التى تقترح كمرتكز للنظام السياسى لصيانة كرامة الإنسان الحر، أى أن الديمقراطية تهدف إلى التوفيق بين ترتيب السلطة وحقوق الإنسان وحرياته وتحقيق مشاركة بينهما فى إطار الدولة لذا فإن الديمقراطية تعتبر وسيلة تؤدى إلى إقامة نوع من المشاركة فى إدارة الشئون العامة وعمل المؤسسات ومراقبتها، الأمر الذى يعزز موقع الإنسان تجاه السلطة ويجعله جزءا منها.
وهكذا تكون المشاركة السياسية أكثر حيوية كلما كان النظام السياسى هادفا إلى تأسيس حياة ديمقراطية داخلية أكثر، حيث يشعر كل أو غالبية أفراد المجتمع بالقدرة على التأثير فى مجريات الحياة السياسية، سواء من خلال توجيه النقد البناء إلى أى مسئول حينما يخطئ دون خوف من عقاب أو لوم، أو من خلال إبداء الرأى فى مختلف القضايا التى تواجه المجتمع، مع الاقتناع بأن لهذا الرأى قيمة ويمكن أن ينصت إليه هذا الشعور يراه علماء السياسة أساسا وركيزة لأي نشاط سياسي ايجابي وهادف (8).
ونخلص إلى ملاحظة هامة، حيث هناك افتقاد إلى العناصر اللازمة للتوظف الديمقراطي الفعال بسبب التشوهات التي تكتنف الواقع الاجتماعي مبررا للإحجام عن التطبيق الديمقراطي إذ نعتقد أن الديمقراطية التي تكفل قيام البناء السياسي على المشاركة السياسية الشعبية الإيجابية هي مدخل ضروري إلى إيجاد ثقافة مدنية لاسيما وإنها، أي المشاركة ضلع رئيسي في أي جهد تنموي جاد..
التنشئة السياسية والمشاركة السياسية: هناك تساؤل هام يفرض نفسه على دارس الثقافة السياسية مؤداه، كيف تشكل الثقافة السياسية فى المجتمع وتكتسب طابعها المتميز؟! وما الذي يفسر تلك الفروق بين الشعوب فى المشاعر والأفكار نحو المسائل السياسية؟ ولماذا تختلف الجماعات فى اتجاهاتها السياسية داخل الدولة الواحدة؟! إن التفسير الذى يمكن أن يقدم لهذه الظواهر هو تباين التنشئة السياسية للأفراد والجماعات، وهذا المصطلح الأخير يستخدم "لوصف تلك العملية التى يكتسب الفرد من خلالها اتجاهاته نحو السياسة ويطورها وهناك منظمات عديدة تسهم فى عملية التنشئة السياسية نذكر منها (الأسرة- المدرسة- الحزب السياسي- التاريخ- المهنة- و الخبرات السياسية.. إلخ).
والجدير بالذكر أن أول من صاغ مصطلح التنشئة السياسية هو "هربرت هايمان " فى كتابه المعنون بنفس الاسم فى عام 1959. إذ عرفها "بأنها تعلم الفرد لأنماط اجتماعية من خلال مؤسسات المجتمع المختلفة بما يساعده على التعايش معه " إما "جرنيشطين " فقد عرفها "بأنها التلقين الرسمي وغير الرسمى المخطط وغير المخطط للمعلومات والقيم والممارسات السياسية وخصائص الشخصية ذات الدلالة السياسية، وذلك فى كل مراحل الحياة عن طريق المؤسسات المختلفة فى المجتمع (9).
ويتضح مما تقدم أن التنشئة السياسية عملية منظمة تمكن الفرد من استيعاب المعايير والقيم الاجتماعية، وليست مجرد مجهودات لاستيعاب الواقع. وعندما توصف التنشئة السياسية بأنها عملية فإن هذا يعنى الإجرائية والتحديد الواضح للأساليب التى تحقق هذه التنشئة سواء أكانت من خلال مؤسسات التربية المعروفة كالمدرسة والجامعة وما إلى ذلك، أو من خلال وسائط تعمل فى المجتمع.
لقد أصبحت عملية التنشئة السياسية للمواطنين وتنمية الوعى السياسى لديهم من الأمور الهامة التى توليها الدول الديمقراطية اهتماما بالغا وتخضعها للدراسات العلمية المستفيضة، فالتنشئة السياسية تؤدى إلى نضوج الوعى السياسى، ويبدأ ذلك بالتثقيف السياسي للطفل منذ الصغر، وفى مراحل التعليم المختلفة، وفى مراحل النضوج والرجولة وممارسة العمل السياسى، وعن طريق هذه الأساليب العلمية للتنشئة السياسية للمواطن، تضمن الحكومة أن تكسب ولاء الرأى العام لسياستها الديمقراطية، ولذلك يتوقف نجاح عملية نشر الوعي السياسي على ما تتضمنه عملية التنشئة السياسية من قيم سياسية يتقبلها المواطن، وبالطبع لا يتحقق ذلك إلا من خلال الديمقراطية التى لا تكون مجرد إجراءات كما ذكرنا آنفا، وإنما هى قيما ومشاعر واتجاهات مواتية للنشاط الديمقراطي. إن الوعي السياسي ضروري جدا إذا تضمن قيم سياسية تؤدى لزيادة المشاركة السياسية وسائل وآليات التنشئة السياسية عرفنا أن التنشئة السياسية هى بمثابة تلقين لقيم سياسية ولقيم اجتماعية ذات دلالة سياسية، والتنشئة السياسية بهذا المعنى جزء من التنشئة الاجتماعية، وهى عملية يتعرض لها المرء طيلة حياته بدءا بمرحلة الطفولة، وهى تمتلئ بالقيم التى تتشابك وتكون شبكة اجتماعية من القيم تؤثر على سلوك واتجاهات الفرد.
وتقوم بعملية بث القيم خلال عملية التنشئة السياسية عدة وسائل وأدوات أهمها: (الأسرة، المدرسة، المؤسسات الدينية، الأحزاب السياسية، وسائل الإعلام). حيث تقوم هذه الوسائل بتقديم مجموعة من القيم سواء السائدة فى المجتمع أو المرغوبة فى هذا المجتمع.
1- الأسرة: تعود أهمية الأسرة فى عملية التنشئة السياسية إلى أنها اللبنة الأولى التى من خلالها يكتسب الفرد "قيمه " ويبنى شخصيته ويحدد سلوكه. ويتم هذا عن طريق "القدوة " التى تعتبر أقوى أثرا من أساليب الثواب والعقاب والإرشاد اللفظى وتعتبر الأسرة أهم آليات نقل القيم على الإطلاق، وخصوصا فى مرحلة "التطبيع الاجتماعي" التى تبدأ من قبول الطفل لمختلف أنماط السلوك التلقائي، فالأسرة تشرع فى توجيه سلوكيات الطفل بما يتفق مع قيمهم ومبادئهم ومعا- هم واتجاهاتهم إلى أفضل مستوياتها، ويعمل الطفل على تعديل سلوكه طبقا لما يتفق مع النسق القيمى الذى يعتنقه الكبار، فالأسرة تعتبر أول نمط للسلطة يعايشه الطفل، وتؤثر طريقة ممارسة هذه الأسرة للسلطة على قيمه واتجاهاته، فإذا كان الأب شخصا سلطويا فى علاقته بأفراد الأسرة، بات من المحتمل أن تتأكد لدى الأبناء قيم الإكراه والسلبية والفردية، وبالمقابل إذا تميز الأب بالديمقراطية فإن قيم الحرية والاهتمام والجماعية يمكن أن تجد طريقها إلى نفوس الأبناء.
2- المدرسة: تلعب المدرسة فى عملية التنشئة السياسية دورا حيويا، وذلك ينبع من أن الحكومات الحديثة تهتم بتربية وتنشئة الأجيال الصاعدة على عادات، وقيم وتقاليد جديدة. فيكتسب الطفل عن طريق المدرسة القيم الأساسية والدعامات الأولى لبناء ذاته، وشخصيته ومن بين القيم التى تهتم بها المدرسة قيم التعاون، والإخاء بين جميع الطالب، ونجت القيم الفردية المتميزة مثل الشجاعة والبطولة والتفوق وحب الآخرين والأمانة.. إلخ وبث القيم الوطنية مثل حب الوطن والانتماء الكامل له والولاء لزعمائه والتفانى والتضحية فى سبيله.
وهكذا كانت المدرسة ولا زالت الوسيلة التى تلجأ إليها الحكومات لبث القيم الجديدة سواء بطريق مباشر عن طريق المقررات الدراسية مثل كتب التاريخ والتربية الوطنية والتربية الدينية التى تحوى ما تريده الحكومة من قيم لغرسها فى نفوس الأطفال والشباب.
3- المؤسسات الدينية: تقوم المؤسسات الدينية بدور كبير فى عملية التنشئة السياسية، وذلك لما تتميز به هذه المؤسسات من الرفعة والتقديس، وثبات وايجابية المعايير السلوكية التى تعلمها للأفراد والإجماع على تدعيمها. ولا يقف الدين عند حدود العبادات وإقامة الشعائر الدينية، بل أن الدور الذي يقوم به فى تنشئة الأفراد يكاد يعكس آثاره على بقية المؤسسات الأخرى العاملة فى مجال الضبط الاجتماعي ولذلك يعد الدين والمؤسسات التي تعمل على تحقيق أهدافه عنصرا أساسيا من عناصر التنشئة. وذلك لما يقوم به من (10):- أ- تعليم الأفراد القيم والمعايير الدينية التى تحكم سلوك الفرد بما يضمن سعادة الفرد والمجتمع.
ب- إمداد الأفراد بسلوكيات أخلاقية.
ج- تنمية الضمير عند الفرد والجماعة.
د- توحيد السلوك الاجتماعي و التقريب بين مختلف الطبقات الاجتماعية 4- الأحزاب السياسية: ينبع حق تكوين الأحزاب من حرية الفكر وحرية الاجتماع.
وقد نص دستور جمهورية مصر العربية، فى المادة الخامسة على أن النظام السياسي لجمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب، وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور.
ويبدو أن الأحزاب السياسية فى الدول النامية، تلعب دورا يقترب إلى حد كبير من الدور الذى تلعبه الأسرة فى عملية التنشئة السياسية أو فى خلق وتغيير الثفافة السياسية، من خلال غرس قيم ومفاهيم ومعتقدات سياسية لدى الأفراد، وذلك بهدف توجيه الأفراد وجهة سياسية معينة تتفق مع توجهات هذه الأحزاب. وتقوم الأحزاب بهذا الدور من خلال ما تقدمه من معلومات وما تمارسه من تأثيرات على الآراء والقيم والاتجاهات السلوكية السياسية للجماهير مستخدمة وسائل عديدة منها الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والاجتماعات والمناقشات والمقابلات التى ينظمها الحزب من أجل الوصول إلى أكبر قطاع ممكن من الجماهير..
5- وسائل الإعلام: تلعب وسائل الإعلام (الاتصال) دورا هاما، فى عملية التنشئة السياسية، فهى تزود الفرد بالمعلومات العامة والسياسية، وتشارك فى تكوين وترسيخ القيم الاجتماعية والسياسية، وتسهم فى ربط المجتمع المحلى بالمجتمع القومى، وفى توعية المواطن بالقضايا القومية بل والعالمية، ونقل القيم الجديدة إلى الجماهير وتقديم النماذج السلوكية المدعمة لها. غير أن معرفة المرء بالقيم والمعايير والأفكار السياسية الجديدة لا تستتبع بالضرورة تحوله إلى الأخذ بها والتخلى عن تقييمها. إذ ترتبط هذه العملية بعدة متغيرات من بينها استقرار الثقافة التقليدية فى المجتمع وفى نفس المواطن، وكذا خصائص شخصيته والإطار الاجتماعي السائد.(11) معوقات المشاركة السياسية للشباب: إن هناك اتفاقا عاما على أن المجتمع المصري يمر بأزمة عميقة ومركبة وحادة، واستمرارها لا يمكن يؤدى إلا إلى الانفجار بشكل يهدد النظام السياسي/ الاجتماعي برمته.
أزمة المجتمع المصري تتكون من عدة أزمات فرعية. أزمة اقتصادية (المديونية، التبعية الاقتصادية، تدهور مستوى المعيشة.. إلخ) وأزمة اجتماعية (مشكلة الإسكان، الازدواجية بين الريف والمدينة، تزايد الهوة بين الطبقات، تخلخل نظام القيم، غياب القدوة، تفشى الفساد السياسى والإداري.. إلخ) وأزمة سياسية (عدم تمكن بعض القوى الاجتماعية الفاعلة من التعبير عن نفسها بشكل رسمى، تذبذب العلاقة بين النظام والمعارضة، عدم الاكتراث السياسي، وجود ترسانة من القيود والقوانين المقيدة للحريات ... الخ. وأزمة ثقافية وسلوكية ناهيك عن تدهور أداء النظام فيما يتعلق بالمشكلات اليومية للمواطن المواصلات، المرافق، الصرف الصحى، الأسعار.. الخ)، ووجود قدر من الاضطراب في سياسته الخارجية (علاقات مصر بإسرائيل، وعلاقاتها بالعرب وعلاقاتها الخاصة بأمريكا) (12).
إزاء تفاقم هذه الأزمات فإن مشاركة الشباب تحتاج إلى مراجعة الكثير من أفكارنا وممارساتنا وتنظيماتنا وطرح بدائل جادة للخروج من الأزمة.
وسوف يتم تناول، المعوقات التى تعترض عملية المشاركة السياسية للشباب في هذا الموضوع. وهى نوعان: معوقات عامة. وأخرى معوقات خاصة.
أولا: المعوقات العامة: 1- عند استقرائنا للدستور وخاصة البنود الرئيسية التى تمس المشاركة السياسية، يمكن ملاحظة أن الدستور تبنى عملية المشاركة السياسية الشعبية من خلال إقرار المساواة بين المواطنين فى الفرص السياسية أولا، وإعطاء حرية العمل الجماعى على مستوى الأحزاب والمنظمات والجمعيات ثانيا، وأخيرا جعل السيادة ملكا للشعب (13).
ولكن عند تحليل الأمر الواقع يرى: إن عملية اتخاذ القرار وتركيز السلطة السياسية ترتبط بيد حاكم وجماعة صغيرة من المريدين والتابعين، والتى تقرر بدورها الشكل الذي تراه مناسبا لمشاركة المواطنين فى الحياة السياسية، وليس أمام الشعب سوى قبول القيادة السياسية الملهمة والامتثال لتوجيهاتها. ويعكس شكل المشاركة السياسية النموذج البطريركى، كما يقرر "هشام شرابى" حيث يتجه القرار من أعلى إلى أسفل ولا يسمح بالرأى المخالف إلا فى حدود ضيقة، لأن القيم الثقافية التى تتحكم في عملية اتخاذ القرار هى من نوع القيم العمودية التى تبارك التأييد وتحث على التضامن.
ولذا يمكننا القول ان المواطنين لا يملكون إمكانات الضغط والاستحواذ على وسائل السلطة، الأمر الذي أدى إلى تهميش دورهم وتحويلهم إلى تابعين للسلطة وليس محركين لها. وهذه أول معضلة وأزمة في المشاركة السياسية، إذ لا يمكن أن يبدأ ويستمر عطاؤهم إلا عندما يصبح فى قدرة الإدارة الشعبية توجيه الإرادة السياسية.
2- تتصف البنية السياسية بغياب أو ضعف مؤسسات المشاركة السياسية، كالمجالس النيابية، والأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية، فالبرلمانات شكلية لا تكاد تزاول دورها التشريعي و الرقابي، وأعضاؤها "نواب خدمات " تشغلهم المصالح الذاتية والفئوية وسلوكهم التصويتى مع ما تريده الحكومة، وإذا تصادف وجود مجلس نشط يغلب أن يكون مصيره الحل. وعلى الرغم من التعددية الحزبية في النظام السياسى المصرى. إلا أنها تنظيمات تنقصها الديناميكية السياسية والوظيفية فى الربط الحقيقى بين النخبة والجماهير، فهى محاصرة بقيود قانونية وعملية تجعلها أقرب إلى نظام الحزب الواحد.
كما أنها تفتقد الممارسات الديمقراطية على صعيدها الداخلى وفى علاقاتها ببعضها البعض وبالجماهير وفيما يتعلق بالمنظمات الجماهيرية يلاحظ أن بعض الأنظمة تحظر قيامها، وفى حالة تواجدها يغلب أن تفقد حرياتها الأساسية، وتعانى من ضعف التأثير بسبب دورانها في فلك الحكومة أو الحزب الحاكم، وضيق قاعدة العضوية أحيانا.
وتؤكد الخبرة العملية أن هذه المنظمات في معظمها ليست مدرسة للديمقراطية، بل هى مؤسسات وظيفتها تقديم خدمات للأعضاء.
3- الأمية: تعتبر مشكلة الأمية مشكلة ترتبط بالبنية الاجتماعية / السياسية للدولة، فهى من أخطر المشكلات التى تعانى منها المجتمعات النامية، والتى تحاول قدر جهدها وطاقاتها وإمكانياتها التخلص من دائرة التخلف لكى تلحق بركب المجتمعات المتقدمة وتشير معظم الكتابات والمؤلفات في التربية والتنمية، إلى أنه لا سبيل أماكم هذه المجتمعات النامية لتنمية مواردها البشرية، ومن ثم تحقيق معدلات عالية من التنمية، إلا من خلال المواجهة الشاملة لمشكلة الأمية، والتى تعد من أعقد المشكلات التى تواجه خطط التنمية لمالها من أبعاد ومحاور متشابكة، اجتماعية واقتصادية وسياسية وطبقا لإحصاء لليونسكو لعام 1990، تقرر أن نسبة 49 % من إجمالى عدد البالغين من 15 سنة فما فوق أميون. وكذلك أشار منتدى الفكر العربى، الذى عقد ندوة فى مايو 1990 بعمان، إلى أن نسبة الأمية لم تنخفض عن 50 %، وهى ترتفع بين الإناث لتصل إلى 70 %. وقد اعتبرت القيادة السياسية في مصر العقد التسعين عقد المواجهة للأمية في مصر. وعلى الرغم من كثرة الجهود التى بذلت فى مكافحة الأمية، إلا أنه ما يزال هناك معاناة من هذه المعضلة العصيبة إن الأمي مواطن فقد حقا من حقوقه الأساسية المكفولة له دوليا، فى حقوق الإنسان بحرمانه من التعليم، ثم هو يفقد تبعا لذلك كثيرا من حقوقه الاجتماعية والسياسية، فيحرم من الإسهام فى الحياة العامة، سواء في المشاركة الفعالة فى مجال الإنتاج أو فى المجال السياسى وفى تكوين الرأي العام وصنع القرارات.
4- البطالة: تعد مشكلة البطالة من المشكلات الحادة التى يعانى منها المجتمع هـو الأمر الذى تؤكده دوما البيانات والإحصاءات المتعاقبة. وعلى الرغم من أن بطالة الشباب جزء من مشكلة أشمل هى مشكلة البطالة عموما، إلا أنها لها خصوصيتها عندما تتعلق بالشباب، فهى تحمل معها توترات اجتماعية وسياسية كثيرة، وخاصة عندما تكون بين المتعلمين منهم.
ومن دون الدخول فى دوامة تقديرات معدل البطالة فى مصر، فالمؤكد أنها تمثل مشكلة حقيقية، سواء من حيث حجمها أو طبيعتها وهكذا فليس من المعقول، أن نتوقع من الشباب المتعطل هذا أن يكون مشاركا فاعلا فى قضايا مجتمعه. وقد ثبت بالدليل القاطع أن نسبة يعتد بها من أعضاء التنظيمات المتطرفة هى من العاطلين: ثانيا: المعوقات الخاصة: تهتم وسائل التنشئة السياسية، بغرس القيم السياسية وبث الوعى السياسى فى نفوس الأفراد، لكى تدفع بهم إلى المشاركة فى الحياة السياسية بفاعلية. ولكن ربما تكون هذه الآليات هى التى قد تعوق عملية التنشئة السياسية وبالتالى المشاركة السياسية للأفراد ومن هذه المعوقات نجد عدم قدرة الأسرة المصرية على التوجيه السليم لتشكيل التكوين القيمى والأخلاقى لأفرادها، لانشغال الآباء في أعباء الحياة ومتطلباتها فضلا عن ذلك، فإن الطفل في الأسرة المصرية يتكرس لديه شعور بأن مسئوليته الأساسية هى تجاه العائلة، وليس تجاه المجتمع، ولأن الطفل لا يتاح له سوى مجال ضيق لتحقيق استقالته الذاتى، نجده يشر بالعجز عن اتخاذ قراراته بنفسه، كما أن القيم التى تسود العائلة من سلطة وتسلسل وتبعية هى التى تسود العلاقات الاجتماعية والسياسية بوجه عام.
- وفيما يتعلق بالمدرسة، فمن الملاحظ ضعف قدرة المدرسة على أداء واجبها التربوى نتيجة لارتفاع كثافة الفصول، والتوسع فى الأبنية على حساب مرافق الأنشطة المكملة للمناهج التعليمية، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من التلاميذ سنويا. وطبقا لدراسة علمية اعتمدت على تحليل مضمون كتب التاريخ والتربية الوطنية في مصر وسوريا والأردن ولبنان، أتضح تركيزها الشديد على دور الحكومة "مرادفة للسلطة التنفيذية " باعتبارها مصدر القرارات في كل ما يتعلق بحياة الأفراد، بينما لا يتناول دور المواطن إلا لماماً وبشكل عارض ولا يقتصر الأمر على محتوى المقررات الدراسية، بل يتعداه إلى الأساليب التربوية من تلقين وتخجيل وربما عقاب بدنى، وهذه ولا شك أبعد ما تكون عن تنمية الاستعداد لإبداء الرأي والمقدرة على التفكير المستقل والشعور بالثقة فى النفس 13.
لذا نقترح، إدخال مناهج الممارسة الديمقراطية بطريقة جذابة للمساعدة فى دفع الشباب للمشاركة السياسية - أما عن الأحزاب السياسية، فإن ضعفها وعدم قدرتها وفاعليتها، لاستيعاب الشباب والمواطنين بصفة عامة، والتعبير عن مطالبهم واحتياجاتهم أدى إلى تهميش دور هذه الأحزاب، فضلا عن أن هذه الأحزاب- وكما سبق ذكره من قبل- نفتقد الديناميكية السياسية والوظيفية في الربط الحقيقى بين النخبة والجماهير، لأنها محاصرة بقيود قانونية وعملية تكبل من حركتها كما أنها تفتقد أيضا الممارسات الديمقراطية على صعيدها الداخلى.
- بينما تخضع وسائل الإعلام لرقابة صارمة من جانب الدولة وتملك الحكومة الصحف وتتولى إدارتها، ويستتبع ذلك غياب حرية الصحافة، وحتى إذا توافرت هذه الحرية، تظل هناك دوائر يحظر الاقتراب منها وحدود لما يكتب وما لا يكتب وبقدر ما تسهم أدوات ووسائل الإعلام فى إنضاج الوعى السياسى إذا أتيح لها قدر معقول من الحرية، يمكن أن تؤدي هذه الوسائل إلى تزييف الوغى إذا فهمت وظيفتها في حدود تبرير سياسات الدولة، وصرف الناس عن الاهتمام بالمشاكل الهامة للمجتمع.
وعموما فإن وسائل الإعلام لا تثير نقاشات جادة حول القضايا العامة، وهى أبعد ما تكون عن بث القيم أو طرح النماذج السلوكية التى تغذى الممارسة الديمقراطية. إذ نتقل وسائل من القمة إلى القاعدة، دون القيام بالتغذية العكسية، بمعنى نقل ردود أفعال القاعدة إلى القمة...
- تزايد حدة بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وعدم كفاية الحلول التى تطرحها الحكومة لمواجهتها أو حتى التخفيف من حدتها فعلى الصعيد الاقتصادى، هناك مشكلات عديدة منها تباطؤ معدل النمو الاقتصادى، والتزايد المستمر فى أعداد العاطلين عن العمل وخصوصا بين الشباب المتعلم، والارتفاع المتواصل فى الأسعار، وتدهور مستويات المعيشة ونوعية الحياة بالنسبة إلى قطاع عريض من المواطنين وعلى الصعيد الاجتماعى، يتمثل أبرز المشكلات في التفاوتات الحادة فى توزيع الدخول والثروات فى المجتمع، وتآكل الطبقة الوسطى نظرا إلى تدهور أوضاعها الاقتصادية، وتفاقم مشكلات الإسكان والمواصلات، والرعاية الصحية، وانتشار المخدرات والجريمة أما المشكلات المرتبطة بالجوانب الثقافية، فتتمثل أهمها فى اختلال نظام القيم فى المجتمع، حيث طغت على السطح قيم دخيلة ومبتذلة جوهرها الانتهازية والبراغماتية والكسب السريع وعدم احترام القانون.
- تعدد قضايا الفساد السياسى والإدارى وممارساته من المؤكد أن مظاهر الفساد قد انتشرت على مستويات مختلفة وفى قطاعات عديدة، ومن هذه المظاهر على سبيل المثال: الرشوة والعمولات والاتجار فى الوظيفة العامة والوساطة والمحسوبية والتحايل على القوانين واللوائح.. الخ. وعلى الرغم من الجهود التى تبذلها أجهزة المراقبة والمحاسبة للحد من هذه الظواهر، فإن الواقع يؤكد أنها في تزايد مستمر خصوصا أن بعض التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع وكذلك الثغرات فى القوانين واللوائح، تعتبر من العوامل المساعدة- على انتشار الفساد.
- ضعف القيم والتقاليد الديمقراطية فى بنية الثقافة السياسية: الديمقراطية ليست مجرد أحزاب وانتخابات فحسب، ولكنها إلى جانب ذلك منظومة من القيم التى يتشربها أفراد المجتمع عبر مختلف مؤسسات التنشئة والتوجيه وأهم هذه القيم تتمثل في الإيمان بالتعددية والقبول بالأخر، والتسامح السياسي والفكري، والإيمان بالحوار كأداة للإقناع والاقتناع. ولكن يمكننا القول إن المبادئ الديمقراطية لا تشكل مكونا رئيسيا في بنية الثقافة السياسية.
وقد ظهرت نتائج ذلك بشكل واضح خلال الانتخابات البرلمانية، فنصف إجمالى عدد الناخبين المقيدين فى الجداول الانتخابية، أي نحو عشرة ملايين ناخب، لم يشاركوا في الانتخابات لاعتبارات تتعلق بعدم الثقة في العملية الانتخابية أو لأسباب تتعلق بشيوع قيم القدرية والتواكل والسلبية (14).
- عدم وجود تشريعات صارمة وجادة تضمن وتؤكد وتحمس عملية المشاركة السياسية للشباب، وكذلك الوسائل والأساليب المتنوعة لتقديم وعرض الآراء والأفكار والاقتراحات بوضوح تام وحرية كاملة.
- غياب دور المثقفين، الذين يعدون العامل الأساسي فى الحراك الاجتماعي والمفروض أن يلعبوا دورا أساسيا، من أجل ملء الفراغ في المجتمع خدمة لرسم السياسة الخاصة بالمشاركة السياسية للشباب أو بحقوق الإنسان وحرياته. تجدهم لا يعطون فى غالبيتهم المثل للتعاون الديمقراطي والحوار الديمقراطي بينهم، وليس لديهم التسامح الكافى في علاقاتهم بعضهم ببعض (15)...
وهكذا، تبين وجود عدد كبير من المعوقات التى تحول دون مشاركة الشباب فى الحياة السياسية، وإن تلك المعوقات من الممكن التعامل معها بما يفضي إلى دعم تلك المشاركة، رغم ما قد تتخذه تلك الخطوات من بعض الوقت.

Topic locked