بحثي حول الاستدامة المالية

Navigating Financial Sustainability Blog

هذه المدونة بقلم شهد العايد، زميلة لازورد ومساعدة تدريب التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تجربتي كزميل في برنامج لازورد في مجال منظومة الجمعيات غير الحكومية في الأردن

خلال رحتي في زمالة لازود تمكنت من تعلم الكثير عن طبيعة عمل منظمات المجتمع المدني في الأردن. عملت مع فريق من زملاء لازود على ورقة بحثية تتعلق بالاستدامة المالية للمؤسسات المحلية غير الربحية بالأردن.

ما هي زمالة لازود؟

برنامج زمالة لازورد هو برنامج مرموق يعمل في الأردن تحت مظلة حاضنة أعمال إنجاز MyStartup بالإضافة إلى تونس ومصر، يهدف إلى تمكين الخريجين الجدد من خلال تزويدهم بالخبرة العملية في القطاع المدني، لقد كنت من بين 12 مشاركًا محظوظًا تم اختيارهم للزمالة في الأردن.

في بداية الزمالة، أوكلت إلى كل مجموعة من الزملاء اختيار موضوع بحث حول قضية مجتمعية في بلداننا نؤمن بأهميتها.

اختيار موضوع البحث 

كفريق عمل، كنا جدداً إلى حد ما في مجال المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، وقد لاحظنا عموماً قيام المنظمات غير الحكومية بإغلاق أبوابها أو تغيير مجال عملها وأنشطتها لتشمل جوانب لا تتوافق مع مهمتها التي وجدت لأجلها.

 قادنا فضولنا إلى البحث أكثر في هذه القضية، لنجد بعد البحث المعمق أن هذه المنظمات تعاني مالياً بسبب جفاف مصادر التمويل وتغير أولويات الجهات المانحة وهذا ما دفعنا للبحث فيما يتعلق بالاستدامة المالية لهذه المنظمات المحلية في السياق الأردني.

الكشف عن تحديات الاستدامة المالية

سلط بحثنا الضوء على الواقع القاسي الذي تواجهه المنظمات غير الحكومية المحلية في الأردن، وأنه على الرغم من أهمية هذه المنظمات ودورها الأساسي في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فإنها تعاني من نقاط الضعف الناشئة عن مصادر التمويل المحدودة والتي لا يمكن التنبؤ بها. 

كما لا يمكننا أنكار ما تفرضه البيئة القانونية من قيود أيضًا، حيث تتطلب القوانين تسجيلاً وعدة إجراءات وموافقات لتلقي التمويل الأجنبي.

تفاقمت هذه المشكلة بالأخص خلال أزمة كورونا، حيث لم تتمكن سوى المنظمات المستقرة مالياً من البقاء وقد أدى هذا إعادة النظر بأهمية الاستدامة المالية وكشف الغطاء عن مشهد مليء بالتحديات يصبح فيه الحفاظ على كيان المنظمة وتحقيق مهمتها وسط تقلبات التمويل بمثابة صراع حقيقي.

الهدف والأسئلة: البحث عن حلول

عملنا خلال البحث على تحديد مؤشرات لتقييم الاستدامة المالية، مع التركيز على ثلاثة مواضيع: الرؤية الاستراتيجية والقيادة، والقدرة على توليد الدخل، والقدرة على الإدارة المالية، نهدف بهذا إلى اكتشاف أفضل الممارسات التي تعزز الاستدامة المالية للمنظمة وفهم التحديات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية المحلية في رحلتها نحو الاستدامة

من خلال هذه النتائج، نعتزم تمكين المنظمات غير الحكومية المحلية في الأردن وتزويدها بممارسات عملية يمكنها تطبيقها لتعزيز استدامتها المالية.

المنهجية المختلطة: نهج شامل

استخدمنا نهجًا مختلطًا لجمع البيانات يجمع بين الأساليب الكمية والنوعية، قمنا بتوزيع استبيان على 30 منظمة غير حكومية محلية من ثلاث محافظات: عمان والزرقاء وإربد، وبناءً على نتائج الاستبيان، قمنا باختيار 3 مؤسسات ذات مؤشرات استدامة عالية للمشاركة في مقابلات متعمقة، مما يسمح لنا بالكشف عن أفضل الممارسات التي نفذتها هذه المؤسسات في طريقها نحو الاستدامة المالية.

تبادل الأفكار والتوصيات

كشفت مناقشاتنا عن جوانب عدة تتطلب الاهتمام، وسلطت الضوء على الديناميكيات المعقدة للاستدامة المالية داخل قطاع المنظمات غير الحكومية في الأردن. فقد ظهر التخطيط الاستراتيجي - وهو عنصر أساسي في الإدارة المالية الفعالة كمحرك مهم، فبينما قامت العديد من المنظمات بصياغة خطط استراتيجية، فإن التحدي يكمن في تنفيذها الناجح وإشراك الموظفين وأصحاب المصلحة في كتابتها. 

يتطلب التصدي لهذا التحدي بذل جهود متضافرة لسد الفجوة بين الهدف الاستراتيجي والتنفيذ التشغيلي، مما يضمن تحقيق الأهداف التنظيمية.

كما برزت أهمية تنويع الدخل - وهي استجابة حكيمة لعدم توفر التمويل، كمجال محوري للتحسين. إن إنشاء تدفق إيرادات متنوع يعمل كإجراء وقائي خلال الفترات المالية الصعبة. مؤكدين على ضرورة قيام المنظمات غير الحكومية باستكشاف مصادر التمويل المتنوعة بشكل استباقي واعتماد مبادرات استراتيجية لجمع التبرعات، فمن الممكن أن يؤدي هذا النهج الاستباقي إلى تعزيز مرونة المنظمة المالية إلى حد كبير، مما يجعلها أكثر قدرة على مواجهة الاضطرابات الاقتصادية الخارجية.

أما بما يتعلق بمؤشرات القدرة على الإدارة المالية، فقد أظهر النتائج مزيجًا من نقاط القوة والمجالات التي تتطلب المزيد من التحسين. 

إنه وفي حين أظهرت المنظمات غير الحكومية مهارة في إدارة التدفق النقدي وممارسات التدقيق، فإن الحاجة القوية إلى أنظمة محاسبية موثوقة كانت واضحة طوال دراستنا، وهذا يؤكد أهمية وجود آليات دقيقة ومفصلة لإعداد التقارير المالية، وتسهيل عمليات صنع القرار المبنية على المعلومات المالية الدقيقة.

ملاحظات ختامية

لقد أعطتني زمالة لازورد طريقة خاصة لفهم تحديات الحياة الواقعية، كما أن الاندماج في مجال المنظمات غير الحكومية في الأردن جعلني أدرك التحديات الصعبة التي تواجهها هذه المنظمات. كان عملي في هذه الدراسة المهمة أكثر من مجرد عمل أكاديمي؛ لقد كانت تجربة كشفت عن تعقيدات ضمان الاستقرار المالي للمنظمات غير الربحية.

ومن خلال ما تعلمناه، آمل أن أضيف إلى المناقشات حول الاستدامة المالية، ومساعدة المنظمات غير الحكومية المحلية ليس على البقاء فحسب، بل على النجاح في جهودها لإحداث تغيير إيجابي وتعزيز المجتمعات.