أهمية تطبيق العناية بالنفس للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان

1 post / 0 new
أهمية تطبيق العناية بالنفس للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان

أشارت الدكتورة ريم أنه قبل البدء بالحديث عن الاستراتيجيات التي يجب اتباعها للعناية بالذات، علينا أن نجيب السؤالين التاليين: كيف يؤثر العمل في مجال حقوق الإنسان على العاملين فيه؟ ولماذا يؤثر؟ ووضحت أنه بإجابتنا على هذه التساؤلات تتولد لدينا الدافعية للبدء بأخذ الأمر على محمل الجد.
وذكرت الدكتورة ريم  بعض الدراسات التي تتحدث عن الضغط النفسي والاحتراق الوظيفي ومفهوم ال compassion fatigue والذي ينتج عنه فقدان الأشخاص للإحساس والدافعية تجاه هذا العمل، فمن اطلاعها على بعض هذه الدراسات وجدت أن نسبة المتعرضين لأعراض ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق وغيرها من المدافعين عن حقوق الإنسان هي نسبة لا يستهان بها.
أشارت إلى دراسة تم نشرها في مجلة Human Rights Practice وهي مجلة تعنى بممارسات حقوق الإنسان وجدت أن العاملين في هذا المجال يتعرضون لمستويات من الضغط والإجهاد والاحتراق الوظيفي تؤثر عليهم نفسياً وجسدياً.
دراسة أخرى في  Journal Community Psychology بينت أن الاندماج في أنشطة الرعاية الذاتية يمكن أن تحافظ على الناشط وتمكّنه من العمل لمدة أطول، ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين كانوا قادرين على الاستمرار في العمل في هذا المجال هم أشخاص كانوا قادرين على طلب المساعدة من الآخرين، والاندماج في أنشطة إبداعية تعبيرية وكانوا قادرين على أخذ راحة و إجازة من العمل.
دراسة أخرى وجدت أن التعامل مع النفس بلطف وتفهّم عند مواجهة الإخفاقات أو الظروف القاسية لها علاقة بالمرونة النفسية وقدرة الناشط على الاستمرار بالعمل لمدة أطول. 
ثم تساءلت الدكتورة ريم عن سبب رؤية أمر العناية بالذات أمر في غاية الصعوبة ونوع من التحدي رغم اعترافنا بأهميته على المستوى الشخصي، فتحت المتحدثة مجالاً للنقاش وأخذ المشاركات من الحاضرين ثم لخصت بعض هذه الأسباب، من بينها تحدي الوقت إذ يرى العاملون في هذا المجال أنه لا يوجد وقت كافٍ للقيام بأنشطة وممارسات الرعاية الذاتية، كما أن الشعور بأهمية متابعة القضايا التي يعملون عليها وأنها ملحة يجعل من عملهم أولوية على رعايتهم لذاتهم، كما أن المحددات المالية والوضع المالي يجعل أمر العناية بالذات أقل أهمية بالنسبة لهؤلاء العاملين، ولا ننكر أن طبيعة العمل المرهقة عاطفياً وجسدياً ونفسياً تقف عائقاً أمام الدافعية للقيام ببعض أعمال الرعاية الذاتية، إضافة إلى الوصمة المرتبطة بكون إظهار الحاجة هي ضعف وأن ممارسات الرعاية الذاتية هي عمل أناني في الوقت الذي يجب فيه على المدافع تكريس جل وقته لخدمة القضايا التي يعمل عليها. لا يقف الأمر على ذلك فحسب بل إن عدم معرفة المصادر المتاحة للرعاية الذاتية المحيطة والشعور الدائم بأنه يجب إعطاء المزيد والعمل بجهد أكبر يجعل أمر العناية الذاتية يبدو أصعب.
أضافت الدكتورة ريم أن مفاهيم الرعاية بالذات تختلف من شخص لآخر، ولكن بشكل عام هناك فكر مغلوط عن أن ممارسات العناية بالذات مكلفة، كما أن الثقافة التي نشأنا بها وتربينا فيها كانت تخلو من ثقافة العناية بالذات، إذ ارتبطت ببعض الأفكار والمفاهيم بأنه يجب على الشخص أن يكون ناجحاً في عمله وأن الإحباط وغيرها هو ضعف.
ثم أردفت بسؤال عن كيفية انعكاس أمر الرعاية الذاتية على الفرد إذا التزم بها لفترة من الزمان، فتحت المجال للنقاش كذلك ولخصت الإجابات بأن الالتزام بممارسات الرعاية الذاتية ينعكس على الفرد بعطاء أفضل وأداء متقدم وعلاقات اجتماعية أفضل وصحة نفسية أفضل، كما أنها تقلل من الشعور بالضغط، ترفع أداء الشخص البدني والعقلي ليكون أكثر كفاءة وقدرة على المساعدة والاعتناء بغيره
وفي نهاية مادخلت الدكتورة ريم وضحت أن مفهومها للعناية بالذات تغير مع الوقت، ففي البداية كانت ترى أن مسؤولية الرعاية الذاتية تقع على على الأشخاص في محيطها، فهي مسؤولية المؤسسة أو الزوج أو الأهل لأنها كشخص يعمل، تستحق الرعاية من الآخرين ولكنها تعلمت أن الرعاية الذاتية هي مسؤوليتها أولاً لأنه إذا لم تعتنِ بنفسها لن يقوم الآخرون بالعناية بها، وهي مسؤولية شخصية بالأخص أنها لم تدخل هذا المجال عبثاً، بل لأن لديها قيمها وشغفها اللذان ترغب باستمرارهما، فالحل الوحيد لتتمكن من الاستمرار  هو أن تبدأ بالانتباه لنفسها من الناحية النفسية والجسدية والشخصية، ولم يكن تطبيق هذا المبدأ سهلاً  في البداية ولكنها تعلمت أن نجاحها في إدارة نفسها يعني نجاحها في العمل.