ندوة إلكترونية بعنوان الحكم الرشيد والمساءلة

Overview

يوليو 1, 2021

عن الحوار

  • المدة : 2:04:23 (ساعتين واربعة دقائق)
  • المتحدثين : داني حداد، شرف الموسوي، أحمد مفرح
العدالة والمصالحة , السجن وإنفاذ القانون , القانون

عقد برنامج التكتيكات الجديدة في حقوق الانسان ندوة الكترونية بعنوان “الحكم الرشيد والمساءلة”. امتدت الندوة لساعتين وربع الساعة في 30 حزيران/ يونيو 2021. عبر تطبيق زوم ومباشرة عبر الفيس بوك. كان معنا في الندوة كل من:

  • داني حداد خبير ومستشار في شؤون الحكم الصالح من لبنان.
  • من مصرأحمد مفرح المدير التنفيذي لمؤسسة “كوميتي فور جستس (CFJ) ” بجنيف.
  • توفيق ذهبي ناشط نقابي وحقوقي من تونس.
  • شرف محسن الموسوي ناشط مدني في مجال مكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة والشفافية من البحرين.
  • قامت بتيسير الندوة الإعلامية روان الجيوسي، وترجمتها الى لغة الإشارة الأستاذ أشرف عودة.

تالياً ملخص لأبرز ما تم ذكره بالحوار “يتوفر لكل محور تسجيل فيديو حيث انقسمت الندوة الى ثلاثة محاور رئيسية وهي:

الحكم الرشيد وعلاقته بحقوق الانسان

يعزز الحكم الرشيد وحقوق الإنسان بعضهما البعض. وتطرح معايير حقوق الإنسان مجموعة من القيم التي تسترشد بها الحكومات وغيرها من الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية في أعمالها. ولكنها تتطلب ما هو أكثر من المصادقة على معاهدات حقوق الانسان، إنها تتطلب ادماج حقوق الانسان بفاعلية في تشريعات وسياسات الدول وممارستها. كما تقدم مجموعة من معايير الأداء يمكن من خلالها مساءلة هذه الجهات الفاعلة. وإضافة إلى ذلك، تغني مبادئ حقوق الإنسان مضمون جهود الحكم الرشيد، أي أنها قد تسترشد بها عملية وضع الأطر التشريعية والسياسات والبرامج ومخصصات الميزانية وغير ذلك من التدابير.

  • ما هو ارتباط الحكم الرشيد بحقوق الإنسان؟ ولماذا؟
  • ما الذي يعرقل مسيرة الحكم الرشيد في الوطن العربي ويحد من الوصل الى ما هو منشود؟

بدأ الحوار بمشاركة الأستاذ توفيق الذهبي من تونس حيث أكد على ان الحكم الرشيد قضية ملحة على المستوى الإنساني وايضاً على مستوى الوطن العربي حيث تدهورت المؤشرات المرتبطة بالحكم الرشيد وبالتالي مؤشرات حقوق الانسان، كمان ان ربط الحكم الرشيد في حقوق الانسان من قبل المجتمع الدولي وتم ذكرة في اعلان الالفية والالفية للتنمية وشرح الغاية من الحكم الرشيد استجابة للحاجيات الإنسانية الملحة في التنمية والاستدامة والكرامة والحرية وكل ما يحقق الرفاهية الإنسانية وهو ما تنص عليه نصوص حقوق الانسان واولها الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948م.
عملياً يرتبط الحكم الرشيد بحقوق الانسان من خلال عدد من المعاير وهي:

  • معيار المساءلة: في نظر الحكم الرشيد ان من يقرر ويتخذ وينفذ القرارات يجب ان يكون عرضة للمساءلة وهنالك أنواع من هذه المسائلات فمنها السياسية التي تقع على من يتخذ ويقرر القرارات على مستوى الدول يساءل في محطات شفافة ومتاح فيها حق المشاركة للجميع وايضاً حق الفرد في مساءلة الحاكم عن توفقه في تنفيذ السياسات العمومية، وايضاً هنالك المساءلة الإدارية والمساءلة القضائية.
  • معيار الحقوق: من مبررات ظهور مفهوم الحكم الرشيد هو ان الديمقراطيات التمثيلية القائمة على ان من يفرزه صندوق الاقتراع هو من يتولى مسئولية الحكم، هذه الديمقراطيات دخلت في ازمة ودخول هذه الديمقراطيات في ازمة سواءً في أوروبا او أمريكا او المنطقة العربية يجب التعويض التدريجي باستخدام الديمقراطيات التشاركية، أي تشريك الفرد (المواطن) واحترام مبدأ عدم التميز لا على أساس جنسي او ديني او غيرها، للمشاركة في وضع القرارات وتنفيذها ووضع السياسات العامة وهو حق أساسي في الإعلان العام لحقوق الانسان وكذلك العهد الدولي للحقوق السياسة والمدنية، 
  • معيار والحريات: الحكم الرشيد يفترض احترام الحريات العامة والفردية وهي امر مهم في الوطن العربي حيث لا اعتراف في قيمة الفرد ولا في الميول الخاصة ولا أفكاره وحقة في اختيارك نمط حياته.
  • معيار الصحافة وحرية التعبير: الحق في التعبير الحر وحرية الضمير والحصول على المعلومة وما الى ذلك من حقوق مرتبطة في هذا المعيار. 

وفي مشاركة الأستاذ داني من لبنان أكد على ارتباط الحكم الرشيد وحقوق الانسان وان حقوق الانسان في المنطقة العربية تتراجع والتي تتقدم للمواطنين على شكل خدمات حيث شارك ارقام صادمة عن لبنان من البنك الدولي الذي صرح ان الازمة الاقتصادية في لبنان كثالث اسواء ازمة اقتصادية عالمية في القرن التاسع عشر والذي يعني دخول لينان مرحلة حرجة وانهيار اقتصادي وان نسبة الدين العام وصل لنسبة 174% في سنة 2020 وقت تصل الى 194% في نهاية سنة 2021، انخفض قيمة اجمالي الإنتاج المحلي من 55 مليار الى 33 مليار دولار امريكي والذي ينعكس على حصة الفرد في الناتج المحلي من 8 الاف دولار الى 2.700 دولار من سنة 2019 الى 2020 و2021 الذي يعني عدم إمكانية المواطن اللبناني من توفير خدماته وأولوياته واحتياجاه اليومية حيث ان التضخم وصل الى حدود ال 111% خلال سنة واحدة وانخفاض سعر الليرة اللبنانية بنسبة 100% منذ سنة 2019 الى 2021 واصبح سعر الصرف الرسمي في لبنان 15 الف ليرة للدولار الواحد وفي السوق 17 الف ليرة للدولار الواحد الذي أدى الى تراجع القدرة الشرائية للمواطن، واما الحد الأدنى للأجور كان 450 دولار قبل سنة 2019 والان اصبح 42 دولار شهرياً وهو الأدنى عالمياً، ما يقارب 550 الف مواطن فقضوا وظائفهم حتى الان، معدل الفقر ارتفع من 28% الى 55% واصبحت نسبة المواطنين الذين يعيشون دون خط الفقر 23% من المواطنين، 41% من المواطنين يجدون صعوبة في الحصول على الطعام والوصول الى الخدمات الأساسية، 36% من المواطنين يوجهون صعوبة في الحصول على الدعم الصحي، وفي مؤشر التنافسية العالمية 2019 المقسم الى 141 مركز اتخذ لبنان المركز 127 في جودة البنية التحتية للطرقات و132 في موثوقية امدادات المياه و91 في فعاليات خدمات النقل الجوي، عند قراءة هذه الأرقام مع الاخذ بالاعتبار معاير الحكم الرشيد (المساءلة، المحاسبة، النزاهة والمشاركة) نجد انها غير موجودة الذي نتج عنها التأثير على حياة المواطنين في لبنان والدول العربية، وهذا ما يدل على ضرورة اتصال الحكم الرشيد مع حقوق الانسان لحصول المواطنين في لبنان ودول العالم العربي على الحياة الكريمة.


في مشاركة الأستاذ شرف من البحرين أكد على معاير الحكم الرشيد وضرورة الالتزام بها وأوضح ارتباط هذه المعاير بمعاير بحقوق الانسان من خلال تدريب الموظفين في جميع الفئات والقطاعات والمؤسسات، والحكم الرشيد يستمر ويتطور مع وجود الأنظمة الديموقراطية ويتعارض ويتوقف في وجود انظمة استبدادية، اذا مع وجود العدالة والمساوة والديموقراطية في الأنظمة السياسية في أي دولة فسوف هنالك حكم رشيد ومعايرة وسوف يتوقف التميز والاثار السلبية الأخرى وانتهاكات حقوق الانسان، اذا الأنظمة الديموقراطية هي البيئة المناسبة لتكوين حكم رشيد في جميع انواع القطاعات.
لا بد من ترسيخ معاير حقوق الانسان عن جميع فئات المجتمع لذلك لا بد من ادخال مناهج تعليمية في المدراس تعلم الأطفال حقوق الانسان حتى يتربى الجيل الجديد على مبادئ حقوق الانسان.


من مصر ومشاركة الأستاذ احمد الذي بدأ القول انه لا وجود لحقوق الانسان بغياب الحكم الرشيد ويتم اطلاق مسمى الحكم الرشيد على أداء الدول وتطبيقها لمعاير حقوق الانسان اذا هي الأنظمة الحاكمة والتي تقوم بتطبيق المعاير الحقوقية والمنصوص عليها في القوانين والتوصيات الدولية للوصول الى الحكم الرشيد، في قرار مجلس حقوق الانسان رقم 20 لسنة 2019 حاول تبسيط الحكم الرشيد للدول الأعضاء في الأمم المتحدة حيث عرف الحكم الرشيد بانه الحكم الذي تتوافر فيه المساءلة والشفافية والنزاهة وعدم التمييز والمشاركة والمساواة والكفاءة والمقدرة، اذا توافرت هذه المعاير في نظام او دولة او نظام حكم نستطيع ان نقول ان هذا الاحكم هو حكم رشيد، واذا ما طبقنا هذه التعريف على أنظمة الحكم في المنطقة العربية سوف يكون من الصعب تحديد ما اذا كان ينطبق عليها مسمى الحكم الرشيد او لا، لذلك انتفض الشارع العربي بما يسمى بالربيع العربي ومطالبة الشعوب بحقوقها قبل ان يطبق عليها مفهوم الحكم الرشيد او ان يقول هذا حكم رشيد او لا، حتى اذا توفرت الإجراءات الاقتصادية ورخاء عند بعض المجتمعات ولا يوجد معاير حقوق الانسان لا يمكن القول ان هذا حكم رشيد، ان الامر ليس فقط متوقف على الطعام والشراب والخدمات الأساسية التي يجب اصلاً توفرها في أي دولة يجب ايضاً توفر الحرية والديموقراطية والعداة للوصول الى صفة الحكم الرشيد في أنظمة الدولة.
في النهاية هذه المعاير المتعلقة في الحكم الرشيد يمكن تطبيقها ولكن في نسب تختلف مع اختلاف الدول ولكن لا بد من ان تكون هنالك إجراءات يتم اتخذاها حتى ترتبط هذه الأنظمة بموضوع حقوق الانسان والتي قد لا يتوفر في عدد كبير من دول المنطقة العربية وبالتالي يصعب إطلاق وصف الحكم الرشيد على أي من هذه الدول، ولكن هنالك احترام نسبي لمعاير حقوق الانسان في بعض هذه الدول والعمل على الحقوق الاقتصادية والرفاهية ولكن ليست حكم رشيد بعد، ولن يتم الوصول الى هذا الوصف ما لم يتم تطبيق معاير حقوق الانسان اولاً.

قراءه في مؤشر مدركات الفساد 2020 وتقارير دولية اخرى

بحسب تقرير امنستي 2020-2021 ردت الحكومات في شتى أنحاء المنطقة على تفشي وباء فايروس كورونا بإعلان حالة الطوارئ أو بإقرار تشريعات تتضمن قيودا شديدة على حرية التعبير، وحوكم اشخاص بسبب انتقادهم المشروع للنهج القمعي لحكومات بلادهم في التصدي للجائحة واحتج العاملون الصحيون على نقص الحماية أثناء العمل، بما في ذلك عدم توفير معدات الحماية وسبل إجراء الفحوص، بما في ذلك التمييز في توزيع اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 وهذه كله يعكس وضع الحكم الرشيد في المنطقة العربية.

ايضا بالنظر الى مؤشر مدركات الفساد، الذي يصنف 180 دولة وإقليماً حسب المستويات المدرَكة لفسا القطاع العام فيها مقياساً من صفر إلى 100، حيث يكون الصفر الأكثر فساداً و100 الأكثر نزاهة. 
بمتوسط 39 درجة للعام الثالث على التوالي، لا يزال يُنظر إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أنها شديدة الفساد، مع إحراز تقدم ضئيل في السيطرة على الفساد. حيث حققت الإمارات العربية المتحدة وقطر الأداء الأفضل على الصعيد الإقليمي على مؤشر مدركات الفساد، حيث سجلتا 71 و63 على التوالي. واما البلدان الذي حققت اقل درجات فهي هما جنوب السودان والصومال، مع 12 درجة لكل منهما، تليهما سورية (14)، واليمن (15).

  • ماذا يعني هذا المؤشر للدول العربية وكيف يمكن قرأته؟ ما هي الأسباب والعوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار عند احتساب الدرجات؟
  • كيف ترتبط هذه الارقام والتقارير الدولية بوضع حقوق الانسان في البلد؟ 

في البداية أوضح الأستاذ شرف ان مؤشر مدركات الفساد الصادر من منظمة الشفافية العالمية ليس المؤشر الوحيد ولكن يعتبر الاشمل لتصنيف الدول وذلك لان المؤشر لا يقيس الفساد نفسة ولكن يقيس البيئة الشجعة على الفساد وأوضح ايضاً انا الدول التي يقع فيها الصراعات الداخلية والانفلات الأمني وتعاني من الدكتاتورية والاستبداد هي الدول التي تقع في اسفل القائمة من مؤشر الفساد، وعلى الرغم من ذلك الا ان 4 دول عربي فقط اجتازت نسبة 50% أي نسبة النجاح على المؤشر ولهذا السبب حصل إقليم الدول العربية من منتظمة الشفافية الدولية على معدل درجات يصل الى 34% بمعنى ان هذا الإقليم يعتب الاسواء في معدل الفساد، توجد عدة عوامل تؤثر على قياس النقاط على مؤشر الفساد منها الرشوة، اختلاس المال العام، استغلال المناصب، النزاهة في القطاع العام، الأعباء البيروقراطية، الوساطة في التوظيف وامور اكثر لقياس النقاط على المؤشر وبذلك يمكننا ان نرى ارتباط ارتفاع الفساد مع ازدياد انتهاكات حقوق الانسان، حيث ان الجهات التي تستفيد من الفساد تقوم بكل ما يمكن فعلة من انتهاكات لحقوق النسان لمنع فضح الفساد.
من امثلة الفساد الذي ينج عنه انتهاكات حقوق انسان، محاولة إعطاء المواطنين مطاعيم لفيروز كورونا والتي اوقفها انتشار المعلومة قبل حصول هذا الامر، وايضاً استغلال جائحة كورونا لإدخال المواد الغذائية دون الخضوع للفحوصات المطلوبة والمناسبة.
واما موضوع كيفية تحسين او رفع النقاط على مؤشر الفساد أشار الأستاذ احمد ان الامر متصل بتحسين وتعزيز معاير حقوق الانسان وبالأخص موضوع حرية التعبير، اذ ان الدول الموجودة في اسفل جدول مؤشرات الفساد هي نفسها الدول الموجودة في اسفل قامة حقوق الانسان وحرية التعبير ومن الأمثلة مصر حيث تتواجد في اسفل القائمة لان هذان الجدولان متصلان ولا يمكن فصلهما فتطبيق حقوق الانسان في أي دولة يعطي القوة على مواجهة الفساد فلا وجود لحكم رشيد بغياب الحكم العادل، وان بعض الدول استخدمت جائحة كورونا كمنقذ او فرصة لانتهاك المزيد من الحقوق وتقيد الحريات العامة وبالتالي الاستمرار في الحصول على مستويات اقل على مؤشر مدركات الفساد.


شارك الأستاذ داني عن وضع لبنان على مؤشر مدركات الفساد اذ كان في عام 2012 عاصل على 30 نقطة وفي عام 2020 حصل على 25 نقطة أي تأخر 5 نقاط مما أدى الى وضع لبنان تحت المجهر لمعرفة سبب تطور الفساد في لبنان وازدياده، يقيس مؤشر مدركات الفساد في القطاع العام ويتكون من 13 مصدر، في لبنان النتيجة سلبية بسبب عدم وجود حكومة وأوضاع اقتصادية صعبة وعدم وجود خطة اقتصادية إصلاحية، تم إقرار سلسة من القوانين لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية مثل حق الوصول للمعلومات، استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، حماية كاشفي الفساد، استرداد الأموال المنهوبة والكثير من القوانين الرادعة، لكن المشكلة في عدم تطبيق هذه القوانين وعدم وجود وعي من المواطنين لضرورة تطبيق هذه القوانين وذلك بسبب اهتمامهم بتوفير لقمة العيش الأساسية وعم الاهتمام بالمساءلة وتطبيق هذه القوانين، من جهة أخرى المجتمع المدني يحاول تكوين قوة تغيرية واستعداد للانتخابات النيابية القادمة ولكن من جهة أخرى التغير ليس بالأمر السهل في ظل المور التي ذكرت من قبل، اذا مؤشر مدركات الفساد يظهر مدى سوء الأوضاع في لبنان وخصوصاً ان الدورة الاقتصادية مغلق في لبنان.
شارك الأستاذ توفيق الفكر في ان الدول الأربع التي تعدت خط ال50% على المؤشر جميعها من دول الخليج وهذا يوضح ان المؤشر ليس مرتبط في الحكم الرشيد ولكن مرتبط في القدرة على تسير الشأن العام ورقمنة الإدارة وتعسير التصرف في الأداة العمومية ولا يعكس حقيقة الوضع السياسي العام الذي يسود علية الاستبداد والانفراد في السلطة وهذا الوضع في المنطقة العربية ليس امر فردي من دولة او نظام واحد انما هو تحالف طبقي مستفيد من وضعية الاستبداد لأجل ضمان استمرار المصالح الاقتصادية والاجتماعية اذا الفساد في المنطقة له أساس وقاعدة اجتماعي قوية مستفيدة من استمرار هذا الفساد وعدم تطبيق القانون، وهذا ما يجب توضيحه لدى نشطاء حقوق الانسان لوضع استراتيجية فعالة لتعزيز الحكم الرشيد والديمقراطية ومقاومة الاستبداد.
في تونس هنالك نوع من عدم الانسجام حيث وضع الدستور بطريقة تشاركية وكان للمجتمع المدني في تونس دور مهم وحساس في تظمين المعاير الكونية لحقوق الانسان وخاصة باب الحقوق والحرية، ايضاً وجود هيئات تعديلية مثل هيئة مكافحة الفساد وهيئة الوصول الى المعلومات، ايضاً وجود مجتمع مدني نشط وقوي، لكن رغم كل هذا لا تزل تونس في مستوى مدني على المؤشر ب 44 نقطة والمرتبة 69 عالمياً، ما هي أسباب هذا المستوى:

  • منظومة الحكم لم تتخلص من تحالفات سياسية اجتماعية من شائنها ان تحمي دوائر اعمل تحتوي على شبهات فساد قوية.
  • جهاز قضائي لم يستطع ولم يتخلص من النظام السابق وتبعاته.
  • وجود نوع من الثقافة الاجتماعية التي تبرر وجود أنواع من الفساد الصغير.

في النهاية لا يمكن مواجهة الفساد والارتفاع على مؤشر الفساد دون تطبيق نظام ديمقراطي والنضال للوصول الى حقوق الانسان، وخلال جائحة كورونا أصبح الفساد يؤثر على اهم حق من حقوق الانسان الا وهو حق الحياة نفسها.
بما يخص الأردن شاركت الأستاذة سناء العواملة من مؤسسة رشيد للشفافية بتحليل التقييم على المؤشر لسنة 2020 حيث ان الأردن ارتفع بمقدار نقطة واحدة على المؤشر 49% وحافظ الأردن على الترتيب 60 من أصل 180 دولة على المؤشر، حصول الأردن على هذه النقطة كان نتيجة تقدم النقاط على معاير سيادة القانون بمقدار 3.25، وتراجع بمقدار 1.89 على معيار مؤشر أنماط الديمقراطية، وكما يحافظ الأردن على الترتيب الخامس عربياً بعد كل من الامارات وقطر وعُمان والسعودية.
ترتبط هذه الأرقام والمؤشرات بحقوق الانسان في الأردن حيث ان هذه الأرقام تعكس حالة حقوق الانسان ومدى الحكم الرشيد ونظراً لتعدد المعاير المعتمدة في تقييم الدول والنطاق الجغرافي الكبير الذي يغطيه المؤشر حيث تتوفر المصداقية اذ يتم احتساب 3 مصادر مختلف للقياس وقد تصل الى 13 مصدر، والأردن يعتمد على 8 مصادر للتقييم، كمان ان مؤشر مدركات الفساد يعتمد التقييم النسبي من 1 الى 100 وهو ما يميزه عن باقي المؤشرات الأخرى حيث قد تكون ارقام من 1 الى 7 واخرى 1 الى 10، وبما ان المؤشر قادر على التوثيق بين مختلف جوانب الفساد في مؤشر واحد وهذا ميزة إضافية.
توصيات لتحسين والحصول على درجات اعلى على المؤشر:

  • ملاحقة الفاسدين وضمان حصولهم على محاكمة عادلة. 
  • تعزيز دور الهيئات والمؤسسات الرقابية من خلال رصد الأموال والموارد الكافية وتعزيز الاستقلالية الإدارية اللازمة لأداء واجباتها والحد من الافساد وزيادة الحكم الرشيد.
  • موائمة التشريعات بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحد لمكافحة الفساد والاتفاق الثنائية.
  • تحديث وتجويد النصوص القانونية.
  • ضمان حق الحصول على المعلومة والافصاح الاستباقي عن المعلومات وان يكون واضح وقابل للتحليل الالكتروني وبشكل دوري.
  • نشر البيانات بشائن الانفاق العام وتوزيع الموارد بشكل عام وفي حالات الطوارئ بشكل خاص وهذا ما يخلق نوع من تعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
  • تعزيز الدمقراطية والفضاء المدني من خلال توفير منظومة تشريعية واضحة تعمل على تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني اضمان إعطاء المساحة والحرية لتنفذ المشاريع واستقلالية عملها.
  • حماية المبلغين عن الفساد ودعم من عانوا من الفساد.
  • انشاء سجلات مركزية شفافة للشركات الأجنبية.

جهود تعزيز الحكم الرشيد وحقوق الإنسان

بفعل تطور وسائل الاعلام مهنياً وتقنياً، بات من السهل التعرّف على أنماط الحكم في العالم والاطلاع على تجارب الدول والاسترشاد بهذه التجارب، ولكن لا يمكن الوصول الى الحكم الرشيد المبني على نهج حقوق الانسان بخطوة واحدة ولا تتوفر طريقة مثالية لذلك،. لذلك قامت المؤسسات بابتكار طرق وتكتيكات تساعد في الوصول الى الحكم الرشيد وإيقاف انتهاك حقوق الانسان الواقع.

مثال: الحملة التي قامت بها منظمة البوصلة في تونس، لمراقبة كتابة الدستور التونسي الجديد داخل المجلس التأسيسي والتي تمت بطريقة غير تشاركية حيث تم استبعاد المواطنين المهتمين بالموضوع. حيث قام أعضاء المنظمة بمراقبة وحضور جلسات المجلس ومشاركة احداث المجلس على وسائل التواصل الاجتماعي أولا بأول دون الحاجة لمشاهدة التلفزيون التونسي.

  • مشاركة حملات ركزت على تعزيز الحكم الرشيد 
  • توصيات لتعزيز حقوق الانسان من خلال الحكم الرشد 
  • هل يمكن ان نعتبر الحكم الرشيد حلم لا يمكن تحقيقه؟ ولماذا؟

في هذا المحور بدأ الأستاذ احمد مشاركته وجهة نظرة الى ان الحكم الرشيد هو حلم ليس من السهل تحقيقه وانه هو سبب قيام الشعوب العربية بالربيع العربي وهو الوصول الى هذا الحلم قبل ان يتم بشكل او بأخر بإتعاب هذا الحلم واغلاق الأبواب في وجهه ولكن لا بد من تحقيقه رغم صعوبته، عندما ينشط المجتمع ويتعافه ويقوم بالمساءلة والتعديل والتغير وهذا هو الأهم اذ لا يوجد نظام اقترب من الحكم الرشيد دون وجود مجتمع قوي عمل على تعديل سلوك هذه الأنظمة وتغيرها وهنا الامر الأساسي للاقتراب من الحكم الرشيد، اذا يمكن تحقيق الحكم الرشيد والمجتمع العربي واعي وشبابة واعي ايضاً ويسعى الى التغير وسوف يصل.

أشار الأستاذ داني الى ان عدد المؤسسات المدنية في لبنان تجاوز ال8 الاف جمعية وان ليس جميعهم يعملون على الحكم الرشيد ومكافحة الفساد، اذا كيف تطور عمل المجتمع المدني في الحكم الرشيد وما هي التكتيكات التي اتبعتها، في بداية سنة 2000 وحتى 2021 تطور المجتمع المدني من مرحلة اولى التوعية عن مخاطر الفساد والحديث عن اهمية الحكم الرشيد الى مرحلة ثانية المشاركة في صياغة القوانين والاستراتيجيات الوطنية وخطة العمل ومن ثم الى مرحلة ثالثة وهي تثبيت حقهم في القوانين وبعد ذلك مرحلة رابعة مراقبة كيفية تطبيق القوانين. إذا خلال 20 سنة تم تطور عمل المجتمع المدني لتفعيل عمل المؤسسات. هذا التطور هو تكتيك استخدمه المجتمع المدني من الوعي الى المشاركة ومن ثم تثبيت الحق ثم المراقبة.

من مشاركة الأستاذ توفيق أوضح ان منظومة حقوق الانسان لها ميزات أساسية منها الشمولية وعدم القابلية للتجزئة وليس هنالك حق على حق اخر وان وضع حق الخصوصية كوسيلة للهروب من الاستحقاق الديمقراطي لم تعد ذات نفع من كثر استخدامها، إذا أصبح اليوم مطلب تكتيكات تتجه نحو النضال من اجل حقوق الانسان الشاملة انطلاقاً من ثلاث محطات، اولاً من النضال من اجل الحقوق السياسية والمدنية وضرورة بناء أنظمة ديموقراطية حقيقية تقوم على المؤشرات العالمية لحقوق الانسان، ثانياً النضال من اجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثالثاً النضال من اجل الحقوق البيئية.

اختلفت التكتيكات المتبعة في تونس بعد الثورة عن التكتيكات المتبعة بعد الثورة، حيث كانت في البداية الدفاع عن الحقوق الإنسانية والمدنية والاجتماعية والضغط على النظام ونشر الوعي باتجاه المطالبة ببناء نظام ديموقراطي حقيقي، بعد الثورة تغيرت التكتيكات ليصبح باتجاه المؤسسات الديموقراطية القائمة لكي يتم استكمال مسار البناء الديموقراطي من خلال العمل التشاركي بين مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات لوضع دستور تقدمي ديمقراطي يراعي معاير حقوق الانسان العالمية.

من خلال مشاركة الأستاذ شرف أوضح ان منظومة الفساد ومنظومة العاملين ضد حقوق الانسان هما قوتين مترابطتين عملهم يؤدي الى انتهاك حقوق الانسان، لا تطبيق معاير حقوق الانسان سوف تقضي على هذه المنظومتين واثارهم السلبية، ان الزمن كفيل في تخلص المنطقة من الفساد والانتهاكات وسوف تزول هذه المنظومات وسوف نصل الى مرحلة الديمقراطية، كل تقوم به هذه المنظومات هو تأجيل وصولنا الى الديمقراطية لكنا سوف نصل وهذا ما حصل في دول العالم التي حصلت على الديمقراطية.

ان التكتيكات المتبعة للوصول الى الديمقراطية تختلف بين دول المنطقة، فبعضها قد انهارت وتحتاج الى بناء الدولة والمؤسسات من جديد، من الأمثلة دولة سنغافورة والتكتيك الذي اتبعه رئيس الدولة لينتشل الدولة من الانهيار من خلال وضع هدف ببناء الدولة والشعب على الرغم من تجاهله لمنظومة من حقوق الانسان والان سنغافورة من الدولة الأولى في العالم.

التكتيكات التي نحتاجها لكي نصل الى الحكم الرشيد هي التنفيذ والالتزام في اتفاقيات حقوق الانسان التي صادق عليها معظم دول المنطقة.

ندوات الكترونية ذات صلة