حملات مدافعة نجحت باستخدام منهجية الخمس خطوات لاستراتيجيات فعالة

Overview

يوليو 24, 2025

عن الحوار

  • اللغة : اللغة العربية
  • المدة : يوم الاربعاء الموافق 06 آب \ أغسطس 2025 من الساعة الواحدة مساءً حتى الساعة الثالثة مساءً بتوقيت الأردن
  • المتحدثين : يوسف كريم, أمنية سويدان, ابراهيم اليماني
حقوق الأطفال , التعليم

شكراً لمشاركتكم معنا في حوارنا الإلكتروني الذي عقده برنامج التكتيكات الجديدة في حقوق الانسان حول حملات مدافعة نجحت باستخدام منهجية الخمس خطوات لاستراتيجيات فعالة باستخدام برنامج زوم وبث مباشر على الفيسبوك، يوم الاربعاء الموافق 06 آب \ أغسطس 2025 من الساعة الواحدة مساءً حتى الساعة الثالثة مساءً بتوقيت الأردن. شارك بالندوة عدد من المتحدثين من دول مختلفة من الوطن العربي:

  • المحور الأول: حملة “لا للعبث بالأحلام” – مع الأستاذ يوسف كريم، مدير منظمة بادر الإنسانية.
  • المحور الثاني: حملة “مدارس آمنة” – مع الأستاذة أمنية سويدان، مسؤولة المناصرة في جمعية مصريون بلا حدود للتنمية.
  • المحور الثالث: حملة “سمّعي صوتك” – مع الأستاذ إبراهيم اليماني، منسق الحملة.

ويسر الحوار الاستاذة شادن العجارمة من برنامج التكتيكات الجديدة.

تالياً تتوفر نسخة مكتوبة من الندوة:

المحور الأول | العراق: حملة “لا للعبث بالأحلام” – مع الأستاذ يوسف كريم، مدير منظمة بادر الإنسانية.

نبدأ الآن مع الحملة الأولى مع الأستاذ يوسف، وهي حملة لا للعبث بالأحلام، والتي تم تنفيذها كما ذكرتُ في العراق. هذه الحملة تصدّت لإحدى القضايا الشديدة الحساسية في المنطقة، وهي الزواج القسري للفتيات الذي يحدث بين عمر 12 سنة و18 سنة.
انطلقت هذه الحملة بخطوات مدروسة تهدف إلى تغيير القناعات الاجتماعية والدينية والثقافية السائدة حول هذه الممارسة، وتوجيه الجهود نحو حماية حقوق الطفلات والتوعية بمخاطر تزويج القاصرات على حياتهن ومستقبلهن.

تم تنفيذ هذه الحملة عن طريق الأستاذ وزميلنا يوسف كريم، الذي شاركنا في أحد تدريباتنا التي تم عقدها في الأردن. يوسف هو مدير منظمة بادر الإنسانية وناشط في مجال العمل الإنساني، بخبرة تزيد عن 8 سنوات في القطاع الإنساني في العراق. وخلال مسيرته، شغل عدة مناصب في منظمات دولية ومحلية، وكرّس جهده لخدمة المجتمعات المهمشة والمتضررة من الأزمات. وحاليًا، كما ذكرت، هو مدير منظمة بادر الإنسانية، وهي إحدى المنظمات غير الربحية التي تهدف إلى تقديم الدعم المجتمعي والخدمات التوعوية المجانية للفئات المتضررة من الاضطهادات الإنسانية بمختلف أشكالها.

بالطبع، لا يرى يوسف العمل الإنساني مجرد وظيفة مؤقتة، بل يعتبره مسؤولية مستمرة ونمط حياة نابع من التزامه الداخلي بتحقيق التغيير الإيجابي.
أهلًا وسهلًا بك أستاذ يوسف، وشكرًا لانضمامك إلينا اليوم.

الموضوعات التي سنناقشها عن الحملة هي:

  1. المشكلة التي سعت الحملة إلى معالجتها.
  2. المسار الاستراتيجي لهذه الحملة.
  3. أهداف الحملة.
  4. التكتيكات التي تم استخدامها.
  5. الصعوبات التي واجهت الحملة.
  6. الدروس المستفادة.
  7. وأخيرًا، التطورات الأخيرة التي شهدتها الحملة.

أهلاً جميعاً زملائي الأعزاء، وشكراً لهذا التقديم اللطيف يا شادن. أنا يوسف كريم من العراق، من النجف. كما ذكرت زميلتي شادن، لدي خبرة في العمل الإنساني لمدة ثماني سنوات، ومن ضمن هذه السنوات حضرت تدريب التكتيكات في الأردن، وعلى أثره تم الحصول على مشروع “لا للعبث بالأحلام” الذي نفذناه في محافظة النجف، في قضاء المشخاب تحديداً.

بداية، المشكلة الرئيسية التي سعينا لمعالجتها وتقليلها هي مشكلة الزواج القَصْرِي وإنكار حق الفتيات في التعليم، والتي تعاني منها الفتيات في عمر 18 سنة. هذه المشكلة هي الأساس الذي استندنا عليه في فكرة “لا للعبث بالأحلام”، أي أن التعليم هو حق، وحق من حقوق الطفولة لا يمكن التنازل عنه.

ضمن المسار الاستراتيجي الذي نفذناه، كان هناك ست فئات مستهدفة في هذا البرنامج. يبدو أن الإذن، المسار الاستراتيجي كان يستهدف ست فئات، خمس منها كانت ضرورية للمساعدة في تنفيذ الحملة، والفئة السادسة هي الفتيات أنفسهن. سأوضح الفئات المستهدفة مع تجزئتها:

الفئة المستهدفة الأولى اتبعنا فيها تكتيكي البحث وإشراك صناعة القرار. تكتيك البحث تمثل في إجراء بحث ميداني لمعرفة بيانات وإحصائيات عن الطالبات المنقطعات عن الدراسة في المنطقة، من حيث العدد وأسباب الانقطاع. وقدرنا الحصول على ست طالبات منقطعات عن الدراسة للعمل على إرجاعهن إلى مقاعد الدراسة.

أما تكتيك إشراك صناعة القرار لهذه الفئة فكان عقد اجتماع مع مدراء عدد من المدارس في المنطقة، لعرض أهداف الحملة ودراسة إمكانية التعاون معهم.

الفئة الثانية تخص الجهات الرسمية لبدء العمل في المنطقة، وهي تشمل مدير التربية. طلبنا عقد اجتماع مع مدير التربية في النجف للحصول على الموافقة كي يتمكن الفريق من الدخول إلى المدارس المستهدفة في الحملة والحصول على الإحصائيات المطلوبة.

الفئة الثالثة هي اختيار بعض المدارس والمعلمات من السلك التربوي في المنطقة نفسها، لكي يكن على اطلاع أوسع، ونتواصل مباشرة مع الحالة في المنطقة والمدارس. من خلال المعلومات التي يملكنها، نستطيع الوصول إلى الفتيات المنقطعات عن الدراسة. لذلك اخترنا عدداً من المعلمات في مناطق محددة ليقدمن جلسات توعوية للطالبات المستمرات في الدراسة.

فكان هناك شقان: شق للطالبات المستمرات في الدراسة حيث قدمنا جلسات توعوية للحفاظ على بقائهن في الدراسة، والشق الآخر كان للوصول إلى الطالبات المنقطعات عن الدراسة لأي سبب من الأسباب، والتي قد تكون صحية أو عادات وتقاليد أو أسباب مادية واقتصادية تؤثر على وصول الطالبة إلى المدرسة.

المنطقة التي استهدفناها هي منطقة ريفية، والمدارس عادة تكون بعيدة عن محل سكنهن، وهذا يتطلب أجور نقل ومصاريف أخرى، فأحياناً بعض الأهالي غير قادرين على توفير هذه المستلزمات الأساسية.

الفئة الخامسة كانت الأهل، أي إشراك صناع القرار في الأسرة. عقدنا زيارات منزلية لعدد من الفتيات وتفاوضنا مع الأهالي من خلال جلسات حوارية منفردة لبيان المشكلة ومسبباتها، وإمكانية رجوع الفتيات إلى الدراسة.

كذلك، لتكملة الاجراءات الرسمية والموافقة لبدء العمل في المنطقة، اتجهنا إلى أعضاء مجالس النواب، وهي الفئة المستهدفة الخامسة أيضاً، حيث شملنا أعضاء مجلس المحافظة، ومجالس النواب، ومديري الناحية، ووجهاء المنطقة لتسهيل عمل المنظمة. وبصراحة، أبدوا استعدادهم الكامل للمساعدة.

أما الفئة المهمة فهي فئة الفتيات، المستمرة والمنقطعة. عقدنا عددًا من الجلسات التوعوية، سواء الجماعية للطالبات المستمرات، أو جلسات فردية للطالبات المنقطعات. كما وضحنا، نحن نزور محل سكنهن، ونقدم جلسات توعوية بغرض إرجاع الطالبات المنقطعات إلى الدراسة، وتشجيع الفتيات على الاستمرار في التعليم.

الغاية التكتيكية في مشروعنا هي التدخل، والهدف المعقول كان عودة خمس فتيات في قضاء المشخاب في النجف الأشرف إلى مقاعد الدراسة لعام 2024.

هذا ما يخص المسار الاستراتيجي الذي اتبعناه لتنفيذ الحملة.

أما من ضمن المشاكل التي واجهتنا بداية، فهي تعيين محافظ جديد للمحافظة، وهذا استلزم منا وقتاً أطول للحصول على الموافقات. لأننا كنا قد أبرمنا العقد مع برنامج التكتيكات وبدأ وقت التنفيذ، ولم نتمكن من التنفيذ بسبب تعيين المحافظ الجديد، وحاجتنا لاستكمال الموافقات، لأن المحافظ والنائب الجديد يحتاجان إلى وقت للاطلاع.

هذا من ضمن المشاكل التي واجهناها، فقمنا بالاتصال بنائب المحافظة الثاني، وشرحنا له الحملة وأهدافها، وكان متعاوناً جداً وساعدنا، وحصلنا على موافقة شفوية للعمل في المنطقة لحين استكمال الموافقات الرسمية.

أما الجانب الآخر، وهو أننا في بداية الحملة لم نعلن أن مديرية التربية قد منعت دخول المنظمات الإنسانية إلى المدارس، وهذا سبب لنا مشكلة كبيرة، لأن مشروعنا يعتمد أساساً على دخول المدارس والوصول إلى الطالبات. لذلك توجهنا إلى المعارف الشخصية، من خلال لقاءات مع مديري مدارس خاصة ومعاهد تقوية الدروس الخاصة، حيث كانت أكثر تساهلاً وأكثر تعاوناً من المدارس الحكومية.

توجهنا إلى هذا الجانب، والحمد لله حصلنا على موافقات في وقتها، وقدر فريقنا الدخول إلى المدارس من خلال التنسيقات، وإعطاء الجلسات التوعوية للطالبات.

في حملتنا استهدفنا، أو حصلنا على، ست طالبات منقطعات عن الدراسة. بحثنا مع الأهالي أسباب انقطاعهن، وكانت الأسباب الأساسية كما يلي: ثلاثة منهن لأسباب اقتصادية، حيث أن المدرسة تطلب موافقات للرجوع، ونقل، وتوصيل، والأهالي من الطبقة الفقيرة، وهذا السبب صعب معالجته لأنه يتطلب نفقات مالية.

أما بقية الأسباب فهي مختلفة، منها حالة صحية واحدة، حيث كانت الطالبة تعاني من اضطرابات نفسية بسبب الصراع في وقتها، مما منعها من الذهاب إلى المدرسة، وهذا سبب تركها للدراسة.

الحالات الأخرى كانت لأسباب عادات وتقاليد، حيث تُهيّأ الفتاة للزواج بعد أن تنهي المرحلة الابتدائية وتصبح قادرة على القراءة والكتابة، فيعتقد المجتمع أن الدراسة ليست مهمة بعد ذلك، وهذه من العادات والتقاليد التي واجهناها في المنطقة.

عملنا على هذه الحالات الستة، والحمد لله استعدنا ثلاث حالات منها: الحالة المرضية التي تحسنت وأصبحت قادرة على الرجوع للدراسة، وقمنا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمساعدتها في الالتحاق بالدراسة المسائية، لأن عمرها لا يسمح بالعودة للدراسة الصباحية.

وبالنسبة للحالتين المتبقيتين، وهما حالات مرتبطة بالعادات والتقاليد، تمكنّا من إرجاع حالة واحدة منهما إلى الدراسة، حيث تركت الدراسة بسبب ظروف عائلية، وتمكنا من إقناع الأهل بعودة الطالبة، أما الحالة الأخرى فقد بقيت بالبيت استعداداً للزواج.

تواصلنا مع الأهالي من خلال فريقنا الموجود في المنطقة، وعقدنا معهم جلسات منفردة، وحققنا قصص نجاح رغم صعوبة العمل في مجتمع ريفي كهذا.

بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتنفيذ ما يقارب خمسين جلسة توعوية في المدارس الخاصة، من خلال المعلمات، وهذا كان لمسة مثمرة في المنطقة.

هذا كل ما يخص حملة “لا للعبث بالأحلام”. شكراً لاستماعكم.

الميسّرة: شكراً يوسف، يعطيك الصحة، وشكراً لك على هذا الطرح الجميل. لدي عدة أسئلة، تتعلق أولاً بالفئات المستهدفة التي تم استهدافها بالتكتيكات. ذكرت الصعوبات التي واجهتها في الحملة، أولها صعوبات في تغيير صناعة القرار، وأيضاً في طبيعة الموانع التي تحول بين الفتاة وبين الدراسة. ذكرت أن بعضها يتعلق بالأمراض والإعاقة، وأخرى بالعادات والتقاليد، حيث تقتصر الفتاة على القراءة والكتابة فقط، وعندما تبلغ عمر معين يُفترض أن تتزوج وتترك مقاعد الدراسة. هل كنت على وعي بهذه الصعوبات من البداية؟ هل لو كنت تعلم بها مسبقاً، كنت ستغير الفئات المستهدفة؟ أم تخطط لاستهداف فئات أخرى أو وضع تكتيكات جديدة بناءً على هذه الصعوبات؟

يوسف: سأجيب على فهمي للسؤال. هل تقصد هل نغير الفئات المستهدفة من صناع القرار؟

الميسّرة: لا، ليس المقصود تغييرهم، وإنما هل في خطط مستقبلية ستُضاف فئات مستهدفة جديدة أو تكتيكات جديدة بناءً على النتائج والصعوبات؟

يوسف: نعم، التكتيكات التي نعمل على إضافتها هي الحصول على معلومات أكثر من مدراء المدارس حول الطالبات المنقطعات، لأن لديهم إحصائيات أدق، ونستطيع معالجتها مبكراً، بدلاً من الوصول متأخرين. وأحياناً لا تستقبل الدراسة الصباحية الطالبة بسبب عمرها، لذلك نسجلها في المدارس المسائية أو المسارعة.

الميسّرة: هل تقصد العمل على بحث أوسع عن الأسباب الأخرى التي تمنع الفتيات من الدراسة، وبناءً عليه تطوير تكتيكات وحلول؟

يوسف: نعم، من خلال اجتماعات دورية مع المدارس، ليتم تزويدنا بالمعلومات اللازمة.

الميسّرة: هل ذُكر في الحملة مشكلة وسائل النقل، وأن بعض الأهالي تمنع بناتهم من الذهاب إلى المدرسة بسبب ارتفاع تكلفة النقل؟ هل هناك حلول مطروحة لهذه المشكلة؟ وهل يوجد ممولون لدعم هذه الأفكار؟

يوسف: أعتذر، لكن الوضع المادي صعب جداً. كمنظمة، من المستحيل أن نحل هذه المشكلة بمفردنا. من خلال الحملة خصصنا جزءاً من الميزانية كمكافأة بسيطة لتشجيع عودة الطالبات، لتوفير المستلزمات الأساسية. أما توفير وسائل النقل، فهذه مشكلة على مستوى الدولة، وهي خارج قدرة المنظمة والدعم المقدم. بالنسبة لباقي التحديات في العراق، تكاد تكون معدومة من حيث الدعم المالي لتوصيل الطلاب إلى المدارس.

الميسّرة: من وجهة نظرك، يوسف، بما أنك طرحت أن أسباب المشكلة عديدة، منها الوعي المجتمعي والعادات والتقاليد وتكاليف المواصلات، هل ترى أن حل المشكلة المرتبطة بالعادات والتقاليد أسهل وأسرع من حل المشكلة المادية؟ وما هي الأسباب المادية التي تستخدمها الأسر لتبرير عدم إرسال بناتها إلى المدرسة؟ أحياناً تكون هذه الأسباب غير مقنعة، فكيف تتعامل معهم؟

يوسف: في البداية، كنا نتوقع صعوبة كبيرة، لكن من خلال تنفيذ الحملة، تبين أن الأمر ليس بهذه الصعوبة، والحمد لله.

الميسّرة: هل ستستمرون في الحملة، وهل تتوقعون زيادة عدد الفتيات اللواتي سيتم دمجهن في التعليم في العام الدراسي الجديد؟

يوسف: كحملة، توقفنا بعد انتهاء المشروع وانتهاء الدعم، لكن كمتابعة، نحن نتابع الطالبات اللواتي تم دمجهن في الدراسة، والحمد لله هن مستمرات، وهذا نجاح رائع.

الميسّرة: هذا يفتح باب موضوع الاستدامة، لو عاد الزمن، هل كنت ستفكر في خطوات تساعد على استدامة المشروع بغض النظر عن توقف الدعم أو توقف المتابعة من الجهات الممولة؟

يوسف: نعم، بكل صراحة، الاستمرارية والحث على حق التعليم للطالبات أمر نحرص عليه، ونحن مستمرون في كل الجهود الممكنة، لكن بعض الجهود تحتاج إلى موارد وموظفين، وهذا يتطلب تكاليف، ولا نملكها، لذلك نحن كجهود شخصية نستمر بما نقدر عليه.

الميسّرة: شكراً جزيلاً لك، يوسف، ولفريق الحملة على جهودكم وانتظامكم خلال فترة تنفيذ الحملة، وعلى تطبيق هذه التكتيكات بحماس وشغف.

وشكراً لك على وقتك اليوم.

المحور الثاني | مصر: حملة “مدارس آمنة” – مع الأستاذة أمنية سويدان، مسؤولة المناصرة في جمعية مصريون بلا حدود للتنمية.

ننتقل الآن إلى زميلتنا أمنية سويدان من مصر التي قامت بتنفيذ حملة “مدارس آمنة” في مصر.

هذه الحملة تناولت قضية مهمة وحساسة، وهي انتشار العنف المدرسي ضد الطلبة من عمر 12 إلى 16 عامًا، سواء كان هذا العنف جسديًا أو نفسيًا أو لفظيًا، وذلك في إطار أو نطاق المدرسة.

اعتمدت الحملة على بناء تحالفات قوية مع أولياء الأمور والمعلمين، وسعت إلى خلق بيئة مدرسية آمنة تحفظ كرامة الطلاب، وتعزز العملية التعليمية وتدعمها.

نبذة عن أمنية سويدان

الأستاذة أمنية سويدان شخصية بارزة في مجال المناصرة الدولية، وشاركت في كتابة العديد من التقارير الأمامية مثل تقرير “استعراض الدور الشامل” وتقرير حقوق الإنسان في بكين 30، كما مثلت المؤسسة التي تعمل بها في عدد من المؤتمرات الإقليمية والدولية.

تركز أمنية سويدان على المناصرة الرقمية باعتبارها مساحة مهمة للتفاعل مع القضايا الحقوقية، خصوصًا تلك المتعلقة بحقوق الإنسان.

ومن خلال عملها في مؤسسة “مصريين بلا حدود”، شاركت في تصميم وتنفيذ حملات مناصرة ودعم قضايا التعليم والصحة وحقوق الطفل واللاجئين، وساهمت في تدريب العديد من النشطاء والناشطات في مبادرات نسوية مصرية شابة حول آليات المناصرة والدفاع.

مرحبًا بك أمنية، وشكرًا لانضمامك معنا اليوم.

المواضيع التي سنناقشها عن حملتك تشمل:

  • المشكلة التي سعت الحملة إلى معالجتها
  • المسار الاستراتيجي والتكتيكات التي استخدمت في الحملة
  • الصعوبات التي واجهتموها
  • الدروس المستفادة من التجربة
  • والتطورات الأخيرة التي شهدتها الحملة

مساء الخير، شكرًا جدًا على المقدمة.

أمنية: مساء الخير، شكراً جزيلاً على المقدمة. أنا سعيدة جداً بوجودي معكم، وسعيدة أنني أشهد تنفيذ حملات خرجت من ضمن برنامج “التكتيكات الجديدة”، وكلها تعمل على مواضيع مهمة، لا سيما تلك المتعلقة بالتعليم وحقوق الإنسان.

أود أن أبدأ بتعريف مؤسسة “مصريين بلا حدود”، وهي مؤسسة تدمج بين العمل التنموي والعمل من منظور حقوقي. مجال اهتمامنا يشمل التعليم والصحة وتقاطعهم مع النوع الاجتماعي والفئات المهمشة، وتحديداً الأطفال واللاجئين والنساء العاملات في مهام يدوية بأجر يومي. نحن أيضاً نعمل على البحوث، وتصميم وتنفيذ حملات المناصرة، وتصميم ورش العمل لمقدمي الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم. كما نعمل على بناء قدرات الجمعيات الأهلية لكي تستطيع قيادة مسارات التنمية في محيطها المحلي.

بدأت الحملة من خلال عملنا في عام 2023 على مرصد خاص. كانت مهمة المرصد رصد المشكلات التي تعاني منها المدارس المصرية، وخاصة المتعلقة بقضايا النوع الاجتماعي. رصدنا 406 حالات عنف في عام 2023، وكانت معظم الحالات موجهة من مدرسين وعاملين في القطاع التربوي ضد طلبة وطالبات. تنوعت الممارسات الضارة ما بين عنف جسدي وعنف لفظي ونفسي، إضافة إلى تحرش وإهمال.

عندما أتيحت لنا الفرصة للعمل مع برنامج “التكتيكات الجديدة”، رغبنا في تنفيذ حملة لها علاقة بحماية الأطفال وتعزيز البنود المنصوص عليها الخاصة بحقوق الطفل في لائحة الانضباط المدرسي.

أول خطوة بدأنا بها كانت تحديد طيف الحلفاء، وكان متنوعاً جداً، وقمنا بذلك باستخدام أدوات برنامج “التكتيكات الجديدة”. وبعد تحديد الحلفاء، وجدنا لدينا حلفاء ناشطين وهم الفاعلون في قضايا المجتمع المدني، وركزنا أكثر على الجمعيات المحلية لأنها تتمتع بتواصل مباشر مع الجمهور وبصناعة القرار في المناطق التي رصدناها.

وجدنا أيضاً بعض الحلفاء غير الناشطين مثل أولياء الأمور وبعض المتطوعين في المدارس بأجر يومي، بالإضافة إلى بعض المسؤولين والقضاة في وزارة التربية والتعليم.

كما واجهنا بعض التحديات التي قد تؤثر على مسار الحملة، والمتمثلة في وجود جهات معارضة لنشاط الحملة، مثل بعض الوجوه الإعلامية في القنوات الرسمية للدولة التي تنكر وجود عنف في المدارس الحكومية.

عملنا على مجموعة من الفئات المستهدفة، وأولها كان مدراء المدارس، وخصصنا الحديث عن دورهم في…حقوق الطلاب.

المدرسة تقع في المعتمدية في كرداسة، وهي مدرسة الشهيد محمود علي عبد المنعم، وتُعد من أكثر المناطق التي تشهد مشاكل اقتصادية، حيث إن معظم القاطنين فيها بلا عمل منتظم. كما أن المنطقة عانت من غياب الأمن، خصوصاً في فترة ما بعد الثورة، مما أدى إلى تكرار حالات العنف، وتحديداً على أسوار المدارس. كما انتشر في هذه المنطقة عنف قائم على النوع الاجتماعي بأشكاله المختلفة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات والتزويج المبكر للقاصرات.

شهدت هذه المنطقة أيضاً ارتفاعاً في نسب التسرب المدرسي في المرحلة الإعدادية، وهي مرحلة تعليمية أساسية وفقاً للدستور المصري. ولاحظنا أيضاً أن هذه المنطقة من محافظة الجيزة تتركز فيها نسبة 30% من حالات العنف المدرسي، وذلك حسب ما رصدناه في مرصد العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما احتلت المحافظة المرتبة الثالثة في تصنيف المدارس لعامي 2023 و2024.

ثاني فئة استهدفناها هي الكوادر التربوية الموجودة في المدرسة، وهم المعلمون والمعلمات، والأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون، بالإضافة إلى المتطوعين بأجر يومي. الفئة الثالثة كانت طلاب المدارس، والفئة الأخيرة هي أولياء الأمور. ومن خلال عملنا على هذه الفئات الأربع، لاحظنا وجود تكامل وشمولية أكبر في المنظور الذي نخطط به للحملة، لأن العمل مع طرف واحد فقط لا يحل المشكلة.

كان هدفنا المنطقي تطبيق بند حماية الطفل المنصوص عليه في لائحة الانضباط المدرسي التي تم تعديلها في عام 2023، وتم تعديلها مرة أخرى وفقاً لقرار وزاري في 2024. وقد شمل هذا التعديل إنشاء لجان حماية متخصصة في المدارس، تتولى النظر في الشكاوى المقدمة من جميع الأطراف. لكن هذه اللجان لا تُشكل بسبب ضعف الموارد، كما أن المواد المنصوص عليها في لائحة الانضباط، خاصة المتعلقة بحماية الطفل، لا يتم تطبيقها فعلياً، وإن تم تطبيقها، فإن التطبيق يشوبه خلل بسبب غياب المتابعة المستمرة.

الغاية التكتيكية التي عملنا عليها كانت التدخل في مجالات متنوعة، شملت البحث، وإشراك صناع القرار، وبناء قدرات العاملين في القطاع التربوي على أساسيات التعامل الآمن مع الطلاب، خاصة أن الفئة المستهدفة من الطلاب تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة، وهم في سن المراهقة، مما يجعل التعامل معهم صعباً.

أول خطوة قمنا بها كانت عقد اجتماع لفريق الحملة لوضع الجدول الزمني والاتفاق حول الأهداف، واختيار الحلفاء الناشطين المناسبين، وقد تم ذلك في الأسبوع الأول من أبريل 2024. بعدها دعونا الحلفاء وصناع القرار وأصحاب المصلحة إلى جلسة حوار توافقي، شملت عرض مجموعة من المشكلات التي تعاني منها المدارس، وتحديداً مدارس الوقاة في محافظة الجيزة.

من خلال هذه الجلسة وضعنا إطاراً مفهوماً نستطيع من خلاله تحديد المشاكل، والأهداف، والتدخلات المناسبة. وقدمنا هذا الإطار لمدير المدرسة الذي اجتمعنا به في يونيو 2024، وكان متعاوناً جداً. لكن واجهنا مشكلة في دخول المدرسة، إذ إن دخول المدرسة يتطلب بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم. قمنا بإعداد هذا البروتوكول وقدمناه، لكن واجهتنا مشاكل في الإجراءات بسبب التغيرات المستمرة في الكوادر الوزارية. كما صعّبت علينا الحصول على الموافقات الأمنية، حيث تعتبر الجهات الأمنية ملف التعليم ملفاً أمنياً قومياً، ولا تسمح للمجتمع المدني بالتدخل إلا بعد إجراءات كثيرة قد تستغرق سنة أو سنتين. وقد رأينا أن ذلك سيؤثر سلباً على مسار الحملة وخطتها الزمنية، فقررنا عقد بروتوكول تعاون مع مدير المدرسة، وأخذ الطلبة والمعلمين والكوادر التربوية إلى ورش ومعسكرات لبناء قدراتهم، وكان ذلك ضمن خطة المؤسسة التي تعمل على مشروعين متعلقين بالتعليم والشباب.

بعد ذلك، بدأنا بوضع خطة تنفيذية للأنشطة، وكانت على شكل ثلاث ورش عمل، كل ورشة تستهدف طرفاً من الأطراف الفاعلة في المجتمع المدرسي. الورشة الأولى كانت موجهة لطلاب المرحلة الإعدادية، وهدفها توعية الطلاب حول معنى العنف المدرسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وأشكاله، وأفضل الطرق للتبليغ عنه أو التعامل معه. كما ناقشنا معهم المشاكل التي يعانون منها في مرحلة المراهقة، منها صعوبة التواصل مع الكوادر التعليمية أو الأسرة، مما يؤدي إلى انتشار سلوكيات خاطئة نتيجة عدم توفر مصادر معلومات كافية، فيلجؤون إلى الإنترنت أو الأصدقاء، وغالباً ما تكون المعلومات غير صحيحة، مما يعزز وجود العنف.

الورشة الثانية كانت موجهة للعاملين في القطاع التربوي بالمدرسة، حيث شارك فيها حوالي 11 معلماً ومعلمة. ناقشنا خلالها المشاكل التي يواجهونها في المدارس، وقدمنا لهم منهجاً مكثفاً حول كيفية التعامل السلمي مع الأطفال، وقد وضع هذا المنهج خبراء تربويون وحقوقيون ونفسيون متخصصون في التعامل مع الأطفال في فترة المراهقة.

بعد ذلك، عقدنا ورشة لأولياء الأمور، وهدفها تعزيز التواصل بين المدرسة والأسرة، بحيث تتقاطع أدوارهم وتتكامل، وسبل مواجهة التحديات التي قد تؤدي إلى خلل في هذا التواصل. كما تحدثنا عن القنوات المفتوحة التي يمكن اللجوء إليها في حال وجود عنف مدرسي، مثل خط نجدة الطفل، والخط الساخن لوزارة التربية والتعليم، والخط الساخن لوزارة الداخلية.

كانت تكتيكاتنا تشمل:

  • إعداد ورقة مفاهيمية لتعريف الحملة وأهدافها، وعرضها على صناع القرار لكسب تأييدهم، وكان مجال إجراء المدافع هنا الحج.
  • عقد لقاءات مع مدير المدرسة لتعريفه بالحملة وأهدافها، ومناقشة إمكانية وضع خطة تشاركية لتنفيذها، وكان مجال إجراء المدافع هنا إشراك صناع القرار.
  • إجراء استبيان مع المدرسين لتحديد احتياجاتهم والمشاكل التي يواجهونها داخل البيئة المدرسية، وكان مجال إجراء المدافع هنا البحث.
  • تنظيم حوار مجتمعي يضم مجلس الآباء، مجلس المعلمين، مدير المدرسة، بعض العاملين في المجال التربوي، وممثلين عن مؤسسات حقوقية وتنموية، وكان مجال إجراء المدافع هنا الحج.
  • تنظيم ثلاث ورش عمل استهدفت الأطراف الفاعلة في المجتمع المدرسي، وكان مجال إجراء المدافع هنا إشراك صناع القرار وأصحاب المصلحة.
  • حملة رقمية استمرت من ثلاثة إلى خمسة أيام، بدأت في اليوم العالمي للطفل، وهدفت إلى التعريف بأشكال العنف المدرسي وطرق الوقاية منه وسبل مواجهته، وكان مجال إجراء المدافع هنا الحج وكسب التأييد العام عبر منصات التواصل الاجتماعي.

أشير معكم إلى عرض تقديمي عن أهداف الحملة،

أولاً، دوافعنا لإطلاق المبادرة كانت ارتفاع معدلات العنف المدرسي، وضعف سبل الحماية، نقص الموارد والبنية التحتية، وغياب مشاركة أولياء الأمور في صناعة القرار. كذلك، كثافة الفصول المرتفعة التي تؤثر على جودة التعليم وتعزز بيئة مليئة بالعنف.

سوف نتحدث قليلاً عن نتائج الحملة: الحملة تمكنت من كسب ثقة المعلمين ليكونوا على تواصل مع المؤسسة، كما بنينا قدرات المعلمين حول مهارات التعامل السلمي مع الطلاب، وإيجاد طرق فعالة للتواصل في المواقف الصعبة. كذلك، رفعنا الوعي بالحقوق والأطر القانونية من خلال تعريف المشاركين بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والعلاقة بين التعليم والتنمية المستدامة.

تمكنا من تطوير استراتيجيات للتعلم النشط، ومن خلال الاستبيان الذي أجريناه مع المعلمين، أبدى 60% منهم استعداداً كاملاً لتلقي تدريبات متخصصة حول دمج أنشطة التعلم النشط في المناهج الدراسية. كذلك وضع المدرسون خطة تنفيذية للتغلب على مشاكل البيئة المدرسية وتطبيقها بجهودهم الذاتية.

أما بالنسبة لورشة الطلاب، فقد تعرف الطلاب على مفاهيم متعلقة بالحدود الشخصية والتواصل والتعامل السلمي. تمكن الطلاب من تطوير مهارات حل المشكلات، والتعرف على آليات مختلفة للتواصل والتعبير عن مشاعرهم، بالإضافة إلى التعرف على أشكال العنف المدرسي وطرق مواجهتها. وقد استندنا في ذلك إلى تقييم قبلي وبعدي تم توزيعه على 12 طالباً من المشاركين في الورشة.

في اجتماع أولياء الأمور، شارك 9 من أولياء الأمور مع مدير المدرسة وممثل عن الإدارة التعليمية، وقدموا توصيات تشاركية تمكنا لاحقاً من تنفيذها في المدرسة، ويتضح ذلك من خلال متابعتنا مع مدير المدرسة بعد انتهاء الحملة.

كما أجرينا استبيان تقييم احتياجات للمعلمين، وجدنا أن 66.6% يرون أن البيئة غير آمنة وغير ملبية لاحتياجاتهم المهنية، ويعانون من تحديات رئيسية مثل غياب الأنشطة المدرسية التي تفرغ طاقة الطلبة، مما يجعل الطلبة أكثر قابلية للتعرض للعنف، وعدم قدرتهم على التواصل أو الإبلاغ، وعدم مشاركة أولياء الأمور في صناعة القرار، والتسرب من المدرسة للعمل أو الزواج، ونقص الموارد اللوجستية والبنية التحتية.

من خلال هذا الاستبيان، حددنا أيضاً احتياجاتهم، منها ضرورة وجود مدونة سلوك تنظم العمل داخل بيئة المدرسة، وإنشاء نقطة أمنية من وزارة الداخلية لحماية الطلاب في محيط المدرسة.

ما هي التحديات التي واجهتكم أثناء تنفيذ المبادرة؟

كما ذكرنا سابقاً، واجهنا تحديات في الحصول على الموافقات الأمنية، وصعوبات في إتمام بروتوكول التعاون مع وزارة التربية والتعليم، مما دفعنا للخروج خارج المدرسة بدل تقديم خدمات الدعم والإرشاد داخلها.

أما حملة التواصل الاجتماعي، فقد وصلت إلى 12 ألف متابع، ولاحظنا تفاعلاً وتوصيات من المتابعين، منهم مهتمون بحقوق الطفل، وبعضهم يعانون من المشكلة، مثل مدرسين وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين.

شكراً لكِ، أمنية، على وقتك.

أمنيـة: شكراً جزيلاً يا شادن، سعيدة بالدعوة وبالدعم المستمر للحملة، سواء من خلال المنحة، أو جلسات الإرشاد والتوجيه الدورية، أو من خلال التقارير التي نعمل عليها ونطبق توصياتها.

المحور الثالث | موريتانيا: حملة “سمّعي صوتك” – مع الأستاذ إبراهيم اليماني، منسق الحملة.

ننتقل إلى زميلنا إبراهيم اليماني من موريتانيا، الذي قام بتطبيق وتنفيذ حملة “سمعي صوتك”. هذه المبادرة تهدف إلى الحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال كسر حاجز الصمت والانفتاح على أشكال العنف التي تتعرض لها النساء، بما في ذلك الاغتصاب والتحرش الجنسي وغيرها من أشكال العنف. ركزت هذه المبادرة على رفع مستوى الوعي بحقوق المرأة عبر ورشات تفاعلية تستهدف الطالبات والعاملات في المصانع، وتشجيعهن على التبليغ والدفاع عن أنفسهن والآخرين.

تم تنفيذ عدد من الورشات في العاصمة نواكشوط، وتحديدًا في أحياء دار النعيم وعرفات في ولاية نواكشوط الشمالية. وكانت الخطة أن تتوسع هذه المبادرة قريبًا لتشمل مدنًا أخرى، بما يعزز صوت النساء في مواجهة العنف. كما استعرضت هذه المبادرة تجربة “رايتسكون” كنموذج مُلهم يبرز أهمية اللقاءات العابرة للحدود في تعزيز التعاون الحقوقي وتوسيع دائرة التأثير.

يسعدنا أن نستضيف للحديث عن هذه المبادرة زميلنا والمشارك السابق في أحد تدريبات “التكتيكات الجديدة” الأستاذ إبراهيم اليماني من موريتانيا، وهو ناشط مهتم بقضايا الشباب والمجتمع المدني. على مدى السنوات العشر الماضية، كرّس نشاطه لدعم ومواكبة النشطاء المدنيين والمنظمات من خلال التدريب المؤسسي وبناء القدرات الذاتية. حاليًا، يركز إبراهيم في نشاطه على تقديم الاستشارات في مجال ريادة الأعمال. أهلاً وسهلاً بك إبراهيم، شرفتنا اليوم، وشكرًا لانضمامك.

إبراهيم: أهلاً وسهلاً. أنا سعيد جدًا بلقائكم مجددًا، وسعيد أيضًا بلقاء الإخوة يوسف وأمنية، رغم أننا لم نشترك في التدريب الميداني، إلا أن هذه مساحة “التكتيكات” التي نشترك فيها عن بُعد وعن قُرب.

فيما يتعلق بحملة “المدافع” التي عملنا عليها، وهي حملة “سمعي صوتك”.

“سمعي صوتك”، كما هو واضح من العنوان، تسعى إلى إيصال الصوت، فالتسمية باللهجة المحلية قريبة من العربية، ومعناها أن تُسمع المرأة صوتها. ركزنا في هذه الحملة على النساء في موريتانيا اللواتي يعانين من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك العنف المادي والمعنوي. وبحكم أن المجتمع الموريتاني مجتمع محافظ، فإن المرأة – رغم كل هذه التحديات والانتهاكات التي تتعرض لها – تجد نفسها مجبرة على خفض صوتها وكتمه نتيجة الخلفيات المجتمعية.

في منتدى الأواصر، والمنظمة التي أشرفت على تنفيذ هذه الحملة، ركزنا على ضرورة تحديد منطق التدخل والجهات المستهدفة بشكل واضح، كما تعلمنا في حملات المناصرة. وقد اخترنا أن يكون التدخل في منطقة دار النعيم في ولاية نواكشوط الشمالية.

ولكي أعطيكم صورة عن هذه المنطقة: حي دار النعيم هو أحد الأحياء الشعبية في العاصمة نواكشوط، يتميز بكثافة سكانية كبيرة، ويقطنه في الغالب ذوو الدخل المتوسط – حتى لا نقول الفئات الهشّة – بل إن بعض هذه الفئات تعاني هشاشة اقتصادية واجتماعية. وفي هذا الحي، معظم المرافق والخدمات الأساسية شبه معدومة، مما جعله مسرحاً للجريمة. ومن خصوصيات هذا الحي أيضاً أنه يضم أكبر سجن في البلاد، مما يترك أثراً واضحاً على المنطقة، حيث غالباً ما يكون نزلاء هذا السجن من أبناء حي دار النعيم أو الوافدين إليه. كما أن بعض خريجي السجون يستقرون فيه بعد خروجهم، وهو حي كبير ومتفرع، تنعدم فيه إلى حد ما الإنارة العمومية والتدخلات الأمنية، مما يجعله مصنفاً كأحد الأحياء الخطرة.

لذلك ركزنا على أن تكون الحملة في حي دار النعيم والأحياء المجاورة له، مثل حي عرفات، كونها تابعة إدارياً لمنطقة نواكشوط الشمالية.

أما قضية المدافعة لدينا، فكانت المطالبة بأن يضمن المجتمع الموريتاني حق الفتيات القاصرات من عمر 10 إلى 15 سنة في الحياة، والحرية، والسلامة الشخصية. وكانت الغاية التكتيكية هي التدخل المباشر. واستمرت الحملة مدة ستة أشهر تقريباً، من 15 أبريل 2022 إلى 15 سبتمبر 2022.

أما التكتيكات التي اعتمدنا عليها، فأولها كان إجراء استبيان، من خلاله نقف على مستوى العنف في منطقة دار النعيم. وقد استهدف هذا الاستبيان الفئة المستهدفة بشكل مباشر، أي الفتيات من سن 10 إلى 15 سنة، والفتيات من سن 15 إلى 20 سنة. ولتحقيق ذلك، كان من الضروري النزول الميداني لإجراء الاستبيان، خاصة وأن خلفية المرأة في موريتانيا تجعلها غالباً لا تتفاعل مع الاستبيانات، وذلك بسبب الصمت الاجتماعي وقوة التقاليد المجتمعية، وحتى الضحايا أنفسهن يجدن صعوبة في التحدث عن معاناتهن. وكانت هذه إحدى التحديات التي واجهتنا خلال الحملة.

كانت هناك صعوبة في التفاعل مع الفتيات بشأن الاستبيان، ويرجع ذلك إلى عاملين أساسيين:

  • الأول، أن بعض الفتيات ذكرن أنهن شاركن كثيراً في استبيانات، خصوصاً تلك التي تجريها الجهات الحكومية، لكن من دون أن يلمسن أي تغيير فعلي، مما جعلهن يعتبرن هذه الاستبيانات مجرد إجراءات شكلية لا فائدة منها.
  • أما العامل الثاني، فهو إحجام الفتيات عن الإدلاء بآرائهن نتيجة الخوف المجتمعي، خاصة وأن الاستبيان يتناول قضايا تُعد من “التابوهات”، مثل قضايا الاغتصاب أو موضوعات مشابهة، وهي أمور نادراً ما تتحدث عنها المرأة في مجتمعنا.

لهذا كان من الضروري أن ننزل ميدانياً للتواصل المباشر مع الفتيات. ومن حسن حظنا أن إحدى زميلاتنا المستهدفات بالحملة كانت مرشدة اجتماعية تعمل في سجن الأحداث، الأمر الذي سهّل علينا إلى حد كبير عملية التواصل معهن.

بعد الانتهاء من الاستبيان، الذي استهدف مائة شابة، أعددنا عرضاً لنتائجه على برنامج PowerPoint. وكان التدخل الثاني هو عقد لقاء مع السلطات المحلية ممثلة في بلدية دار النعيم، حيث التقينا بعمدة البلدية وبعض المستشارين، وقدمنا لهم فكرة الحملة وأهدافها، وخاصة أنها تسعى لرفع وعي النساء بضرورة إسماع أصواتهن والمطالبة بتشريعات تحمي المرأة من العنف.

كما نسّقنا، من خلال البلدية، لعقد اجتماع آخر مع السلطات الأمنية ممثلة في الشرطة والحرس الوطني، نظراً لأن المنطقة تقع ضمن نطاقهم الأمني. عرضنا عليهم أهداف الحملة وأهمية دورهم في دعمها.

كذلك عقدنا اجتماعاً مع رابطة آباء التلاميذ، حيث كان من المقرر تنفيذ أنشطة داخل المدارس بالتعاون مع إدارتها، وبالأخص إعدادية دار النعيم 1. وقد اجتمعنا مع المدير والمستشارين التربويين، لكن بما أن العمل جاء في أواخر العام الدراسي وقبيل الامتحانات النهائية، فقد أُغلقت المدارس أثناء تنفيذ الحملة.

هذا دفعنا لتغيير التكتيك: بدلاً من التركيز على الوسط المدرسي، انتقلنا إلى الوسط الجمعوي، فتواصلنا مع منظمات المجتمع المدني، وخاصة تلك العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في دار النعيم. ورغم التحديات الأمنية والاجتماعية، تتميز المنطقة بوجود مجتمع مدني نشط وفعّال، بل ويتفوق في بعض الأحيان على مناطق أخرى في العاصمة.

عرضنا نتائج الاستبيان على هذه المنظمات، وكذلك على رابطة آباء التلاميذ التي كانت شريكاً مهماً. وكانت النتائج لافتة، إذ أظهرت أن أغلب المشاركات من المائة فتاة تعرضن، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأحد أشكال العنف، وأن أغلب حالات العنف مصدرها داخل الأسرة، سواء من الأقارب المباشرين أو غير المباشرين.

هذا الواقع يعكس خطورة المشكلة، فحين يكون المعتدي من داخل العائلة، غالباً ما يتم حل القضية اجتماعياً، بعيداً عن القضاء، خوفاً من الفضيحة أو تشويه سمعة الأسرة. كما أن كثيراً من الفتيات يفضلن الصمت خشية الوصم الاجتماعي، مما يؤدي إلى استمرار الانتهاكات.

ومن بين المائة فتاة، اخترنا عشر فتيات من إعدادية دار النعيم 1 لتدريبهن على كيفية إسماع أصواتهن، وطرق رفع الشكاوى، وآليات التشبيك مع الجهات الفاعلة. ونظراً لإغلاق المدرسة، تم تنفيذ التدريب في دار الشباب بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني.

شمل التدريب التوعية بأنواع العنف ضد المرأة، وآليات الشكوى، والقوانين ذات الصلة، مع الإشارة إلى أن التشريعات الموريتانية لا تجرّم الاغتصاب بشكل صريح، بل قد تُكيّفه كجريمة “زنا”، مما يجعل إثباته وفق الفقه الإسلامي أمراً بالغ الصعوبة، إذ يتطلب أربعة شهود عدول شاهدوا الواقعة. وبذلك، تصبح الفتاة عرضة لأن تتحول من ضحية إلى متهمة، وهو ما يحدث للأسف في كثير من القضايا.

الوصول إلى الفتيات المستهدفات لم يكن أمراً سهلاً، بسبب طبيعة المجتمع المحافظ، والعادات والتقاليد الصارمة ضد المرأة، فضلاً عن الظروف الأمنية في دار النعيم، وضعف الوعي المدني لدى النساء والفتيات هناك. كما أظهر الاستبيان أن الفتيات يعانين من التمييز لصالح الذكور، سواء في فرص التعليم أو الاستمرار فيه، خاصة التعليم العالي الذي يتطلب التنقل لمسافات بعيدة. كما كشف عن تعرضهن للتحرش في الشوارع، والمدارس، والأسواق، وأحياناً لحالات اغتصاب.

ورغم التحديات، نجحنا في عقد اجتماع مع الأهالي بالتنسيق مع رابطة آباء التلاميذ والبلدية، رغم أن الفترة شهدت تساقطات مطري غزيرة تسببت في غمر الشوارع بالمياه، إضافة إلى موسم العطلة الدراسية الذي يغادر فيه كثير من الأسر العاصمة.

الختام كان مع تدريب مكثف للفتيات العشر بهدف إنشاء مساحة آمنة داخل بلدية دار النعيم مع بداية العام الدراسي الجديد. وبالفعل، في عام 2023 تم افتتاح هذه المساحة الآمنة بإشراف الفتيات، اللواتي قمن أيضاً بتدريب زميلاتهن.

يمكن القول إن الحملة حققت عدة نتائج بارزة:

  • إقناع أكثر من مائة فتاة بالمشاركة في الاستبيان وتقديم معلوماتهن بثقة، بعد التأكيد على سرية البيانات.
  • تدريب عشر فتيات من إعدادية دار النعيم 1 ليكنّ النواة الأساسية للمساحة الآمنة.
  • رفع وعي الفتيات بضرورة رفع أصواتهن ضد أي انتهاك، سواء بالمطالبة بحقوقهن أو بالتصدي للانتهاكات.
  • تعزيز إحساس المسؤولية لدى سكان دار النعيم، وخاصة الناشطات في المجتمع المدني، للمطالبة بتشريعات تحمي المرأة وتجرّم العنف ضدها.

وقد تُرجمت هذه الجهود إلى وقفات احتجاجية، كان أبرزها أمام البرلمان قبل ثلاثة أشهر، بالتزامن مع دورته البرلمانية، احتجاجاً على واقعة اغتصاب طالبة جامعية تحت تهديد السلاح، وهي حادثة هزّت الرأي العام.

الميسرّة: أود أن أطرح سؤالاً، لقد ذكرت بعض الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ التكتيكات، مثل الظروف الجوية، وكذلك تقبّل الفتيات المشاركة في الاستبيان والإدلاء بمعلوماتهن، بالإضافة إلى قبول الأهالي مشاركة بناتهم في هذه المبادرة.

هل كانت هناك صعوبات أخرى واجهتكم أثناء تنفيذ الحملة؟

ابراهيم: خلال حديثي، ذكرت العديد من التحديات المتعلقة بتطبيق التكتيكات، ولكن على مستوى الحملة ككل، لم نواجه صعوبات كبيرة مع الجهات الرسمية، بل كان هناك تجاوب جيد من السلطات المحلية والأمنية، وهذا بفضل سمعة المنظمة ومرونة الفريق.

أما الصعوبات الأكبر فكانت تتعلق بالمجتمع نفسه، حيث كان هناك رفض متكرر من النساء والفتيات للمشاركة، بسبب حساسية الموضوع وكونه “تابو” في المجتمع. وعندما عرضنا نتائج الاستبيان على الأهالي، شعروا بالحزن والاستغراب من حجم المشكلة، لكننا تمكنا من توضيح الصورة وشرح الواقع لهم بشكل مقنع.

الميسرّة: أبراهيم، من بين النتائج التي عرضتها، شارك العديد من الفتيات في الاستبيان وكشفن عن تعرضهن للعنف المبني على النوع الاجتماعي. هل يمكنك التحدث عن الخطوات التي اتخذتموها بعد عرض هذه النتائج على الأهالي؟

أبراهيم: بعد عرض النتائج على الأهالي لزيادة وعيهم وتعريفهم بالمشكلة، وُجد أن معظم حالات العنف كانت من قبل الأقارب. بالرغم من أن المجتمع محافظ، فإن الانفتاح الأسري ساهم في تسهيل وقوع هذه الانتهاكات.

تابعنا بالتواصل مع المنظمات، وفتحنا قنوات اتصال عبر مجموعات “واتساب” للتواصل مع الفتيات، وتمكينهن من الإبلاغ عن حالات العنف، ومساعدة بعضهن البعض. هذه القنوات ظلت مفتوحة منذ الحملة وحتى الآن.

الميسرّة: نشكر إبراهيم على هذا الطرح، كما نشكر زميليه يوسف وأمنية على جهودهما والتزامهما خلال فترة تنفيذ الحملة.

والآن أفتح المجال للزملاء المشاركين لطرح أسئلتهم، يمكنكم المشاركة شفهيًا أو كتابيًا.

أدهم(من الأردن): السلام عليكم، شكرًا لكم على هذه الندوة المحفزة والتي تعطينا الأمل للمضي قدمًا.

سؤالي موجه للسادة يوسف من العراق، السويدان من مصر، وإبراهيم من موريتانيا. من ضمن الاستراتيجيات الخمس في المناصرة، هناك عنصر “الهدف” الذي يشير إلى وضع رؤية بعيدة المدى.

هل ما أنجزتموه خلال السنوات الماضية (ثمان أو تسع سنوات) كافٍ لتحقيق هذه الأهداف، أم أنه جزء من هدف أكبر تسعون لتحقيقه؟

السؤال الثاني: ذكرتُم أن أغلب المنظمات تعمل على جزء معين من القضايا، مثل التنمر، وهو موضوع شائع في كل البلدان. لماذا لم يكن هناك جزء مخصص للحديث عن التنمر بشكل عام وليس لفئة محددة فقط؟

يوسف: شكرًا أدهم على السؤالين المهمين. بالنسبة للهدف، الأهداف التي نضعها هي رؤية بعيدة المدى، وقد تتغير وتتطور مع الوقت. هدفنا في أي مشروع قد يكون إعادة عدد معين من الطالبات إلى المدارس، وهذا هدف مرحلي خلال فترة معينة. ولكن الهدف يتوسع ويتطور ليشمل رقعة جغرافية أوسع وأهداف أكبر. لم نصل بعد إلى جميع أهدافنا، لكننا نسعى لتحقيق أكبر قدر ممكن منها.

أما بخصوص التنمر، فالمنظمات تكون محددة بنظامها الداخلي، حيث تركز كل منظمة على فئة معينة مثل الأطفال، النساء، الصحة، التعليم، وغيرها. في العراق لدينا عدة منظمات تتناول موضوع التنمر، لكنها تكون متخصصة ضمن هذه الفئات.

أمنية: ما تعلمته من برنامج “التكتيكات الجديدة في المناصرة” هو أن نضع استراتيجية عامة بعيدة المدى، ثم نعمل ضمنها على تكتيكات قصيرة المدى تحقق أهدافًا مرحلية. الحلم الكبير يُقسم إلى مراحل، كل مرحلة تعالج مشكلة معينة ضمن القضية، وكل مرحلة تحتوي على مجموعة تكتيكات تؤدي إلى تحقيق هدف محدد. تجميع هذه الأهداف القصيرة هو ما يوصلنا إلى الحلم الأكبر.

ندوات الكترونية ذات صلة