فريق الأرجنتين للإنثروبولوجيا الشرعية (EAAF) يحقق في حالات الاختفاء القسري ويستخدم التكنولوجيا الجنائية لتحديد هوية رفات الضحايا المفقودين.
الشفاء بعد ديكتاتورية قاسية
خلال العقدين الماضيين قام فريق الأرجنتين للإنثروبولوجيا الشرعية (EAAF) بالتعرف على رفات ضحايا عنف الدولة. وخلال فترة الدكتاتورية العسكرية في الأرجنتين (1976-1983) قتل ما بين 10٫000 و30٫000 شخص أو تم إخفاء أثرهم من جانب الدولة. إن هدف فريق EAAF هو هدف ثلاثي الأبعاد يتلخص في إعادة بقايا رفات الضحايا إلى أسرهم للمساعدة في تحقيق عملية تضميد الجراح وتوفير الأدلة لإقامة الدعاوى ضد مرتكبي عنف الدولة، وتدريب ودعم وتشكيل فرق أخرى للطب الشرعي في بلدان أخرى عانت من فترات اتسمت بالعنف وتحتاج إلى تحقيق حول ما جرى في الماضي.
فريق التحقيق يكشف رفات الضحايا المختفين
يمتلك فريق الأرجنتين للأنثروبولوجيا الشرعية مجموعة تحقيق دائمة تجري أبحاثاً تتناول المعلومات المتعلقة بأشخاص اختفت آثارهم. وتبدأ مجموعة التحقيق هذه عادة بفتح القضية بتحقيق أولي للتأكد من مكان دفن الشخص المفقود من خلال إجراء المقابلات، مع الأقارب والأصدقاء وغيرهم من السجناء السابقين ومع رفاقه في الزنزانة ومع الناشطين السياسيين السابقين، طارحين اسئلة حول الصفات الجسدية للضحية والزمن والمكان المحتملين لموته. ويدرس الفريق كذلك سجلات الشرطة والسجلات البيروقراطية التي تتضمن الصفات الجسدية والبصمات وسجلات التشريح، كما ويتعين في الكثير من الأحيان الحصول على قرار من المحكمة للسماح للأعضاء بالاطلاع على سجلات الشرطة. وتمضي العملية قدماً إذا ما تمكن الفريق من العثور على عشرة وثائق مكتوبة أو شفوية.
وعندما يتم التعرف على موقع الدفن، يقوم الفريق بالاتصال بأسرة الضحية حيث لن يقوم الفريق بمواصلة التحقيق في ظل عدم موافقة الأسرة. وفي حال موافقة الأسرة وتلقى الفريق تفويضاً من المدعى العام والسلطات القضائية، يبدأ الفريق عندئذ عملية إخراج الجثة من القبر. ويرحب بأن تشارك الأسر في بعض هذه الخطوات. ويوظف الفريق التقنيات القياسية لعمل الآثار لاستخراج رفات الضحية، حيث يتحول العمل إلى المختبر ليحاول علماء الفريق مقارنة الرفات بالمعلومات التي تم جمعها وتحديد سبب وأسلوب الوفاة.
ومن خلال هذه العملية تمكن فريق الأرجنتين للإنثروبولوجيا الشرعية من التعرف على رفات مئات الضحايا، بحيث أمكن إغلاق القضية بالنسبة للأسر، والإسهام في توفير الأدلة للمحاكم الوطنية والدولية وللجان الحقائق والمحاكم المحلية. وقد قام الفريق أيضاً بتدريب جماعات أخرى على هذه التقنيات في مناطق شتى من العالم. ويقول أعضاء الفريق أن هذه الخطوات كانت مهمة لتحقيق التعاون بين الدول الواقعة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية.
وبوسعنا أن نتعلم من هذا التكتيك أهمية تمكين الأسر والمجتمعات في عملية السعي إلى تحقيق العدالة وإنهاء هذه القضية، وخاصة في حالات انتهاكات حقوق الإنسان. فالعمل الجنائي، مثل استخراج الجثث، يوفر أدلة موضوعية يمكن أن تكون أقوى من الوثائق المكتوبة، مما يساعد في إثبات الانتهاكات ومنح الأسر فرصة الحداد والتعافي. ومن خلال منح السيطرة للمجتمع، كما أثبتته EAAF، فإننا نرى قيمة إشراك المتضررين بشكل مباشر في هذه العملية، وخاصة في المجموعات المهمشة أو المضطهدة سياسياً. وبالإضافة إلى ذلك، يسلط الدعم النفسي الاجتماعي الذي يقدمه ECAP أثناء استخراج الجثث الضوء على أهمية معالجة الصدمات العاطفية جنباً إلى جنب مع العدالة القانونية والتاريخية، وتعزيز الشفاء المجتمعي على المدى الطويل.
التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة