مفهوم العناية بالنفس للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان

1 post / 0 new
مفهوم العناية بالنفس للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان

بدأت الاستاذة حياة مداخلتها بالتحدث عن الوضع في تونس، وان معظم النسويات الناشطات في حقوق النساء خاصة وحقوق الإنسان عامة، يتناسين الاهتمام بصحتهن النفسية ولا يعطينها أهمية أو حيز من وقتهن الخاص، إذ يعتبر النشطاء في حقوق الإنسان أن عليهم الاهتمام بالآخر وأن الآخرين هم الأولوية، ويحرصون على تكريس وقتهم وجهدهم للقضايا التي يعملون عليها، ودائماً ما يفكرون بطرق لتقديم أنشطة وخدمات أفضل مهملين بذلك صحتهم النفسية. 
لذلك ما نراه مهماً في هذا المجال الآن هو التركيز وتسليط الضوء على هذه المسألة في المجتمع المدني والمجتمع الحقوقي عن طريق ترويج بعض وضعيات وممارسات العناية بالذات. 
كما شاركت بعض التجارب في الجمعية التي تعمل بها لأخذ الدروس منها، إذ إن لدى الجمعية مركز إيواء وإنصات للنساء ضحايا العنف، وفي بعض الأحيان فإن الناشطات/المختصات اللواتي يعملن في هذا المركز ويستمعن لقصص السيدات المعنّفات ينغمسن في حكاياتهن، وهذا ينتج عنه تعب نفسي للناشطات المستمعات، ولكثرة استماعهن لهذه القصص فإنهن يأخذن جزءاً منها معهن إلى منازلهن، وفي بعض الأحيان ينقلن عدوى هذا الشعور والتعب النفسي لكل العائلة، وهذا يستدعي أهمية تخفيف هذا العبء والشعور السلبي ببعض الممارسات والطرق والآليات لتجنب التعب الحاصل لهؤلاء الناشطات المستمعات وكذلك الوقاية من الأمراض التي قد تصيبهن.
لذلك توجهن في الجمعية الى تطبيق بعض الطرق والممارسات لتفادي حصول ما يسمى ب "الاحتراق الوظيفي" فرسونا ثقافة العناية بالنفس عن طريق القيام ببعض الممارسات مثل الاجتماعات بشكل دوري مع الناشطين والناشطات ليقوموا بتفريع وقول ما يشعرون به والانصات لغيرهم من الناشطين/ات حتى لا يشعر الناشط/ة أنه وحيد وحتى يتمكن من تخفيف عبئه ومشاركته مع الآخرين.
ومن خلال العمل مع مركز ضحايا التعذيب تم تشارك بعض الأدوات مثل عجلة العافية أو ما يسمى ل “لوحة القيادة" التي تمكنك من مراقبة الحالة النفسية على جميع المستويات، سواء المستوى العائلي أو العملي وغيرها، وبالإضافة إلى أنه على كل ناشط وناشطة أن يكون لديه خريطة تكتيكية يحاول من خلالها أن يكون واعياً بمحيطه والأطراف التي قد تسبب له القلق، وبناء على ذلك يخطط ويفكر في كيفية التصدي لهذه الأزمات التي سيواجهها خلال مسيرته. 
ومن خلال هذه التجربة تتمنى الاستاذة حياة أن تُعمم ثقافة العناية بالذات في هذا المجال، وأنه على الرغم من أهمية العمل هذا للمجتمع إلا أن هذا لا يتعارض مع أهمية تخصيص وقت للرعاية الذاتية والقيام ببعض الأنشطة في حياتنا اليومية التي نكون واعين بها والتي تمكّن الناشطين والناشطات من أداء عملهم بكفاءة دون ان يتأذوا.
ترى الأستاذة حياة الحليمي أن مفهوم الرعاية الذاتية أصبح دارجاً الآن أكثر مما سبق نظراً لأن الكثير من الناشطين والناشطات تأذوا خلال مسيرتهم فظهر مفهوم الرعاية الذاتية لإيقاف هذه الظاهرة. 
كما ختمت الأستاذة حياة الحليمي بالتأكيد على أن الرعاية الذاتية ليست مفهوماً أنانياً وأن الاعتقاد الراسخ لدى المناضلين/ات والناشطين/ات بوجوب تكريس جل وقتهم للآخرين لا يتعارض مع العناية بالذات، لأن العناية بالذات هي ما سيمكن الناشط/ة من أداء عملهم بكفاءة والاستمرار فيه وتقديم أفضل ما لديهم.
 يجب علينا جميعاً أن نجد معادلة ما بين تقديم الخدمات للآخر والسلامة النفسية والجسدية حتى نتمكن من تقديم المساعدة للآخرين بشكل أفضل.